وجود ..



أقسمت مراراً وتكراراً..
ألا أكرر تألمي
أن أحفظ أدمعي
أن أتعلم أن أفعل التلويح
دون أن ألوح
أن أنتزع أجزاء قلبي من أمتعة رحيلهم
ألا أترك نصل سكينهم
ذكرى عزيزة تحمل رائحتهم
أن أعيد طلائي
وأمسح آثار أصابعهم التي تركوها على جدراني
ألا أجلس في أماكنهم المفضلة
ألا أتحدث بلسانهم
ألا أبتسم لخيالهم

أن أطردهم ..


لكن ..

ما بال قسمي يتضاءل فجأة ؟
ما بال قلبي يصرخ في نبضاتهم التي تحملهم حتى لا تخفت أبداً ؟
لماذا أسقط هكذا كلما حاولت تناسيهم
كم من وداع يتحمل الإنسان قبل أن يسقط؟
قبل أن يرحل؟ قبل أن يُفقد؟
 .
 .
 .
 .

لم أفُقد، لقد تلاشيت .. !




مريم نصر

عمل ..






كان يحفرُ القبورَ،ويدفنُ مع كل ميتٍ شيئاً،مرة إحساسَه بالفقرِ،ومرة عقوقَ أبنائه،ومرة اكتراثَه بالحياةِ.
وفي مرةٍ حفر قبراً جديداً ، و لم يعدْ ..






مريم نصر

..



صديقتي الجميلة: تقى
محبة ، أما بعد ..
هذا الصباح ملطخ بالقلق والوجع، هذا الذي لا نستطيع الهروب منه سوى بتجاهله والموت اختياراً أو كما أفعل أنا أملئ نفسي بكثير من الألحان.
في هذا الصباح استلمت رسالتك الالكترونية ولأنى ملئ بالوجع كهذا الصباح تمام لم أرد الكترونياً لأن الكتابة ها هنا على ورقة تمكنك من كشف الغطاء عن الوجع المتخفى بأكلمله في الواو ولا تظهر منه سوى دمعة في الجيم وصمت حزين في العين.
أتخيل الآن شخصاً-مثلي ومثلك-يُعطى ورقة وقلم فيسطرها كلها بهذه الكلمة "وجع" ،هو المتعلم لا يقدر على كتابة غيرها وعندما يسألونه:ألا تعرف غيرها؟، يرد: لا أحب الكذب،وكل الكلمات كاذبة وكذبها مفضوح وهذه هي الكلمة الصادقة الوحيدة.
هذا الشخص مثلنا يتعثر بالوجع في الشوارع على اختلافها،فإن لم يجده فسيجد كلمة مرادفة له ملقية في قارعة الطريق ،هذه الكلمة هي الحنين. وهو أيضا مثلنا قرر ألا يبالي بالمعنى الحرفي لتلك الكلمة، تعلم ألا يبكي أو يضحك،ألا يتذكر،ألا يتمنى.
بهذا العالم الكثير من الخذلان،لكن ثمة أمل أجدر بأن تحمله الأنثى، تتحدثين عن الرحيل لكن لا ترحل أنثى أبداً يا صديقتي،فقط هي تقنع نفسها بأنها سترحل لكنها لا ترحل، لأن الأنثى تؤمن بالميلاد ولا تؤمن بالموت،لا تؤمن بالنهاية، تكفر بالنقاط ويبدل عقلها تلقائيا كل نقطة لفاصلة وتكمل بعدها كأن خيبة لم تكن !
الأنثى هي من تعلن استسلامها وترفع الراية البيضاء في حين أن عقلها يئز ويدها الخالية تعمل بأسرع ما يمكن وتفشل كثيراً في محاولاتها لكنها لا تسلم وترحل، وهذا يظهر كثيراً في هذا الأمر المدعو"حب"، لكن يجب أن نعرف أن بعض النساء تسلم اختياراً ولا تعود في كلمتها وترحل كما فعلتُ أنا مع الحب ، تركته يرحل ورحلت ،لم أحارب من أجله ولن أحارب ولكن الرحيل في أمور أخرى تخص الإنسانية كالكتابة مثلا إنما هو أمر مستحيل.
وأنا وإن كنت أخبرتك أنك كأنثى لن ترحلين فيجب أن أذكرك أن الكتابة لعنة نحن ملعونون ومصابون بمس القلم والعلاج من هذه الحالة سيكلفنا ما هو أكثر من الحياة ويفضل ألا ندفعه.
___________

العشرون من تموز..

عدت مرة أخرى لأتم هذه الرسالة ، ليس لأنه يجب أن أتمها بل لأنني أحتاج لذلك بشدة..

أتفق معكِ أن ما يحدث عبث ، لا يستحق الكتابة. لا يمكننا أن نكتب عن دمشق الحالية ولو كتبنا عن دمشق في خيالنا وكما أرادها نزار لأصبحنا تافهين ،أغبياء في نظر الحالين، لكن من سيتحقق لهم حلمنا بدمشق وكل البلاد ألن يعتبرونا عباقرة ؟
إذن اكتبي لأجيال قادمة بعد سنوات،
اكتبي لأوطان ستكون ملكاً لتلك الأجيال،
اكتبي عن أحلام سيملكونها،
اكتبي عن مبادئ سيسيرون عليها،
اكتبي عن الزهور التي سيستنشقون عبيرها ،وعن العصافير التي ستلعب معهم.

اكتبي لأن عالمنا لم يعد يستحق أن نعيشه، فيجب أن نعيش العالم القادم..

هل تعتقدين أن الكتابة يمكنها أن تهدم هذا العالم وتبنيه؟
لم أعد أعتقد ذلك تماماً، لكن لا يجب أن نتوقف، ليس الآن
لقد بدأنا ويجب أن نستمر، كما تقول كيوكو في مسلس الإنمي الذي عشقته مؤخراً : "الذي يفقد وعيه في منتصف المعركة ،لن يكتب له النجاة" لذا يجب أن نتستمر. هذا بالإضافة أننا خسرنا الكثير بالفعل في هذه الحياة، ولا بد أن نتابع الطريق الذي سنكسب فيه بعض من الراحة والهدوء.
أنتِ تعرفين هذا ، أن المجتمع استهلكنا بتقاليده ،والأهل استهلكونا بالآمال العراض، لم يبق منا الكثير وإن لم نستهلك نحن ما بقى منه بأمالنا وأحلامنا نحن، سيستهلكوننا كلنا ولن يبق منا شئ.
لقد فقدنا الكثير منا ويجب أن نحافظ على ما بقي، أعجبني أنك تعرفين هذا حينما ذهبتي للمظاهرات من أجل حرية هذا الوطن علمت أنكِ تدركين ذلك تدركين أنه يجب أن تعيشي لأحلامك
لذا لا تتلكأي في تحقيقها، اكتبيها وضعي لها خطة زمنية ، لاتضيعي المزيد من الوقت في أي شئ كما أضعت أنا في هذه الأجازة كل مخطاطاتي ذهبت أدراج الريح وقد ندمت على ذلك ، ندمت على عدم تعلم الخط وعلى عدم دراسة الفلسفة وعلى عدم تعلم التصميم وعلى عدم الكتابة
وعلى ذكر الكتابة ، يجب أن أعترف لك بأنني أعتقد أنني فقدت القدرة عليها ، لم أعد أستطيع أن أكتب أي شئ من تلك الأمور المزدحمة في قلبي وفي عقلي. قلت لبعض الأصدقاء أنني يمكنني أن أبيع الأفكار لأنني جاءني هذا الخاطر أنه يمكن أن يأتي يوم- إذا استمريت في الكتابة- ويقال الأفكار رائعة ولو كتبها شخص آخر لكانت أفضل.هذا أيضا بجانب هذا التعب الغريب الذي أعاني منه أثناء الكتابة كأنني أحمل الكون بأكمله فوق قلبي وأجري بها أميال عدة حتى أنتهى وأسقط في نهاية الورقة كذلك العصفور الذي يغني والشوكة مغروسة في قلبه ويموت في النهاية مع الفارق أن غناء العصفور في هذه القصة جميل ، لا يشبه غناءي بأي حال من الأحوال.
..
يوسف بطل قصتك، ويوسف الذي رأيته في المظاهرة اليوم وعرفت أن عمره سبعة عشر عاما وتم اعتقاله بعد وفاة محمد الجندي عندما احتجت المدينة وأراد الحاكم أن يكتم صوتها فأمر النائب العام بضبطه مع آخرين كانوا يقودون الاحتجاجات مثله
يوسف ويوسف متشابهان ، يحملان بعض من أحلامنا
يوسف صديقك يعشق ويقاتل، يعيش الوطن بقلبه، ويعيش القلب بوطنه، ويوسف الذي رأيته ينادي الوطن ويناديه الوطن
لو اقتربتي من أي منهما يمكنك أن تسمعي صوت الوطن الرخيم، يمكنك أن تسمعيه
أنتِ اقتربتي من يوسفك كثيراً سمعتي نبضاته ونبضات الوطن. إذا انتهى يوسف كان لابد لكِ أن تنتهي معه.
لكن بما أنك حية ، مازلتي تمسكين بقلمك ، فلتكملي حلم يوسف، إنه منحكِ إياه ويجب أن تكمليه
لا تقفي في منتصف الطريق أبداً، سيري مع الحلم للنهاية حيث الوطن،حيث الحب، حيث الحياة..
..
يجب أن أقول لكِ ، لا يجب أن تعتمدي على أي يد تمتد لكِ، تشبثي بالصخور ،بجدار الهاوية الزلق، بالهواء فإنهم لن يفلتنك وهم يملكون القوة لتحملك طويلا دون أن يتأذوا ،وإن تأذوا لا يعتبون.

لقلبك من المحبة ما يقويه ♥

مريم ،، 20/7/2013

ملحوظة 1 :
أشعر أن هذا الخطاب كان موجهة لي أنا، يبدو أن آلامنا متشابهة جداً.
كنت أحتاج لكتابته

ملحوظة 2 :
الجزء الأول كتب ورقياً.

ملحوظة 3 :
ما زالت ساخطة على ضياع الخطاب الفائت في البريد.

ملحوظة 4 :
تذكرت أنني لم أكتب لكِ عن النقاد، سأحاول أن أتذكر ذلك المرة القادمة.

الهدف


الأول من رمضان 1434

"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً "

بعد مشاهدة مقاطع فيديو وصور عن هذا الكون، تسألت ماذا نفعل هنا؟
نحن نبني مصانع، وننتج سيارات ، ونسافر الفضاء ونراقبه، لكن لماذا كل هذا ؟
يبدو هدفاً صغيراً جداً أن نفعل كل هذا من أجل أن نحيى في حين أن النهاية موت، من أجل التقدم ولكن تقدم على من ؟ بمن نقارن أنفسنا ؟

عندما نبحث عن مادة (خلف)في المعجم سنجد أن خلف بمعنى تغير وفسد أو جاء بعد فلان وصار مكانه
إذن الخليفة إما أن يغير أو يشابه
لكن ماذا أراد الله لنا إذ أرادنا خليفة؟ وهل أرادنا خليفة له أم للملائكة ؟

المعطيات : 1- الله أراد الإنسان حراً ، فالخليفة له حرية شبه كاملة في ملكوته
2- الله علم الإنسان بنفسه ولم يتركه للملائكة تعلمه
الاستنتاج : 1- الله ترك لنا حرية الاختيار،فإما أن نكون خليفة مغير،أو خليفة مشابه
2- الله أرادنا خلفاء له هو نفسه

الهدف أن نصبح خليفة حقيقةً
لا هدف من الموت أو الحياة ، سوى هذا ، ولا يجب أن تهدف أفعالنا لغير هذا
دعنا نفكر في أن أفعالنا ليست لهذا الهدف ، سنجد أن أفعالنا لا هدف لها في الواقع ، فكل الأهداف وهمية
وهذا هو الهدف الحقيقي

نحن خلفاء الله في الأرض، لكن ما الأرض؟
أتذكر حينما سخر أخي مني حينما ظننت أن السماوات هي التي تعلونا ، التي تسير فيها الطائرات وتسبح فيها الطيور
وأخبرني أن هذه ليست سوى غلاف لهذا الكوكب (سأتوقف عن مناته بالأرض لفترة) وأن السماوات هي ما تعلو مجرتنا والمجرات الأخرى. سبع سموات تعلو حدود معرفتنا بكثير

فإن كانت سماوتنا الكوكبية بعيدة عن اللمس ، فمتى إذا سنلمس السموات الحقيقية ؟
وإذا كانت السماوات الحقيقية بهذا الكبر الذي لا أستطيع تخيله ، وأرتعب من المحاولة حتى ؛لأن بصري يرتد إلي حسيراً دون أن يبلغ ولو حتى خيالها
فإن هذا يعني أن الأرض كبيرة أكبر من تلك التي نسير عليها، لربما تمتد لتشمل كل المجرات
وهذا يعني أننا نزلنا في هذا الكوكب حيث نتدرب على حكم بقية الكواكب والمجرات ولنصبح خلفاء حقيقين
وبصورة كبيرة قد دمر الإنسان مكان تدريبه، ولهذا أعتقد أن خلافته ستتأخر حتى يصحح ما أفسده مرة أخرى
لأنه ليس من المنطقي أن ينطلق الإنسان من موطن خرب ليحكم العالم
وأيا كان نوع الخليفة مغير أومشابه فإنه لابد وأنا يصل إلي درجة من القوة التي يدربنا الله على امتلاكها
قوة الخلق

لقد أرادنا الله أن نصل لها ، لأنه علمنا بنفسه ومنحنا العقل ومنحنا من خلاله القدرة على فعل أي شئ ، أي منحنا المعلومات والإمكانات التي تمكنا من هذه القوة وإن كانت على كل لن تضهى بقدرته ، لكنها قوة لابد أن نملكها لأن الهدف من وجودنا أن نملكها
أن نكون نحن إله الأرض التابع لإله الكون الكامل

يبدو هذا هدفٌ يستحق أن نعمل له كل ما نعمل

مريم نصر .. 10 يوليو 2013

جذر و ورقة


ما يحدث في البلاد يجعلنا نفكر ليس فيما يحدث بل في علاقتنا مع الآخرين

أعرف العديد ممن خسروا أصدقائهم ،وآخرين خسروا حقهم في الحديث وصمتوا جميعاً حتى لا يخسرون أصدقائهم

كان مما يثير الدهشة أنني في جلسة أصدقاء بعيدة كل البعد عن الأجواء كأننا نريد أن نستعيد روحنا الضاحكة متناسين بقع الدم على أرواحنا

فأخدنا نسأل بعضنا أسئلة كرسي الاعتراف

وكان نصيبي سؤال : الحب أم الصداقة ؟

وإجاباتي النمطية كانت : كلاهما مهم،كلاهما نحتاجه، لا يمكن أن يعوض هذا ذاك أبداً

وصديقتي الذكية تلقفتني : لكن إذا تم وضعك بين اختيار، هل تختاري الحب أم الصداقة؟

*حضرني حينها موقف حينما سألني أحدهم أيهما أصعب فراق الأحباب أم فراق الأصدقاء ، لأنني جربت الأثنان فيظن الناس بأن لدي إجابة لذلك

أتذكر بحة صوتي والغصة والدمعة اللتان رافقتا الإجابة

"عندما فارقت الحبيب كان لدي أصدقاء بجواري، لكن عند فراق الأصدقاء لم يكن بجواري أحد "

تذكرت هذا الموقف كأنني أعيشه قبل أن أقول لصديقتي : من وضعني في هذا الاختيار ، سأخسره أياً كان هو.

لم يحدث أن فقدت صديقاً أبداً بسبب السياسة ، غير اثنتان اختاراتا أن تفقداني ولم أختر ذلك

ربما حزنت كثيراً لأنني لم أكن أعرف السبب ولم أكن لأعرف لولا أن سألتهم وعرفت أن السبب خلافات سياسية

لم أكن أبداً الشخص الذي يمكنه أن يغير رأيه من أجل أحد ، حتى لو كان هذا الأحد أقرب من النبض.

أنني أقدس الحرية أكبر التقديس ، ولهذا تركت لهم حرية اختيار هذا.

ولم أخسر من بعدهم أي أصدقاء ..

وتعجبت أشد العجب ممن فقدوا أصدقائهم في تلك اللحظات التى لا يمكن أن يمسح الدم فيها من علينا غير الصديق ، لأن الصديق هو من يراه لا المرآة

وفكرت ، إنني أكثر الناس اندفاعاً في التعبير عن آرائهم ، لا مبالية بأي شئ تقريبا ، فلماذا لم اختلفت عنهم؟

أعدت النظر في علاقاتي ، التي معظمها تعتبر سطحية بحكم إنطوائيتي إن لم تكن كلها كذلك، ولكنها مع ذلك تظل صداقة ونناقش فيها الكثير من الأشياء وبحدة ، ونناقش فيها أيضا سياسة وبالتأكيد ثمة اختلافات بيننا

ولكن اكتشفت أن أصدقائي بهم هذا الشئ الذي لم يجعلنا نخسر بعض

وهو أننا دائما واحد متكامل

صديقتي هي من تختلف مع في الرأي

لكني لو مت فهي في مكاني وموضعي حتى تلحق بي

لا يمكن أن تكون صديقتي في أقصى اليمين وأنا في أقصى اليسار

ثمة منطقة مشتركة تجمعنا ، أو بالأحرى تقربنا حتى نتمكن من اللحاق ببعضنا عند السقوط

ثمة مبادئ مشتركة ثابتة ، لا أتصور صداقة بدونها !

الصداقة تقوم على مستوى الروح أولاً والمبادئ جزء أساسي من تشكيل الروح

فالصداقة تتكون حين تكون المبادئ مشابهة ، ومن ثم تتصادق الأرواح ، ومنها تتصادق القلوب والأجساد

لذا لا أتصور أبداً أن يحدث خلاف تنشق به الرابطة

فإن صداقة أمكن في يوم ما أن تنتهي لم تكن في يوم ما صداقة حقيقية ، بل إذا تمكنا من النظر فيها لوجدنا ثمة وهن في الرابطة ، ثمة اختلافات جوهرية جعلت من السهل أن تترك الأيدي بعضها لتمسي في طريق مختلف

الصديق من يأخذ مكاني وقت موتي ، ليس من يتركني مع خلاف سياسي وهو بالتأكيد من لا تختلف مبادءه الأساسية معي .

مريم نصر .. 9 يوليو 2013