اليوم المشئوم


اكتظ المكان بالمثقفين والمثقفات يشاركهم ذلك الجو الدافئ عمال النظافة ورجال الامن .. يجلس " مدحت الجوهرى " على كرسى خشبى ومنضدة تبنية الصنعة واضعاً حقيبته بجانبه من عناء السفر الذى حلّ به .. لا يقدر على استيعاب الموقف .. لا يستطيع التقاط أنفاسه فى ارتياح كما كان فى السابق .

* اتفضل يافندم
* شكراً لك
يتفقد القائمة ليقرر ما إذا كان سيأكل أم يكتفى باحتساء مشروب خفيف لحين وصول أصدقائه ...
حدثّ مدحت نفسه " سآخذ كوباً من الفراولة أو البرتقال " .

* ممممممم ما طلبك يافندم ؟
* كوب ليمون ، إذا سمحت ..

خرجت الكلمات من فمه ومعها خرجت عيناه من الدهشة على إثرها توقف لحظة كأنه كان ينظر الى تلك الحروف التى خرجت منذ قليل .. ما هذا لقد طلبت ما لا أريد .. أهو الارتباك ؟! أم أن شيطاناً قد سمح لنفسه أن يكون نائباً عنى فى طلباتى .. حسناً لا يهم ! ..
قالها مدحت محدثاً نفسه . ثم عاد إلى ماكان عليه ... وضع كوب الليمون جانباً أمسك بكتابه يُكمل قراءته .. حالة من التشويش والريبة تسيطر عليه .. هذا لم يحدث له من قبل .. لم يكن مصاباً بأى من الامراض النفسيه .. حتى كل الظنون التى كانت تساوره تخبره أنه مصاب بالشيزوفرينيا .. لم تكن صحيحة على الإطلاق لكنه دائماً ما كان يخبرنى بذلك ، يخبرنى أنه مصاب بذلك اللعين .
" أنا لا أرسم الاشخاص غير المتواجدين فى مخيلتى و أحدثهم أو أصدق أنهم أمامى ، لا ليس بالضبط بل أتخيلنى أنا فى حوارات لم تحدث .. أعرف تمام المعرفة أنى فى خيال يزيد حدة وانجرافاً عن أحلام اليقظة ، ولتكن أحلام يقظة لا يهم أنا مريض يا صديقى ولكنى لا أستطيع تحديد هوية المرض " .

* هذا آخر ما أخبرنى به يا دكتور ، " مدحت " صديقى منذ الطفولة بل إنه صديق الخروج لذلك العالم .. صديق " سرير الولادة " .. ذلك اليوم المشئوم كما وصفته والدته ومن الواضح أن " فالها " كان صادقاً فكأنما وضعتها حلقة فى أذنه منذ ولادته ، فبدأ فى كره نفسه ..
كان هذا آخر ما أخبرنى به إبراهيم على
استضفته فى عيادتى بعد انتهاء ساعات عملى لأسمع منه عن صديقه " مدحت " كنت مستعجباً من ذلك ..
فلم أسمع طوال حياتى المهنية عن شخص يعانى من مرض يعانى منه صديقه
دائماً ما استمع من المرضى مباشرة دون وسيط .. أتعامل معهم .. أعالج مخاوفهم وهواجسهم المرضية بكل سهولة
أثار الأمر فضولى واهتمامى .. حتى أصبحت من يتابع إبراهيم بالهاتف بعد ان انتهى من يومى المتعب فى عيادتى لاروى الفضول وافهم هل هى احجية أم انها حالة مرضية جديدة أم ماذا .. ؟؟!

* * * * * * *

صباح يوم الاحد السابع والعشرين من ديسمبر هو اليوم المشئوم الذى وُصِفَ به يوم مولد مدحت ، توقعت أن هذا هو اليوم المنتظر أو أنه اليوم القادم وفى يده يمسك حل الاحجية التى مضى على بدأها بها خمسة وأربعون يوماً كونت لدى هواجس مرضية خشيت أن تستمر معى وتتحول الى مرض نفسى حقيقى ... فى مثل هذا اليوم منذ عامين .. توفى والد مدحت ومعه والد إبراهيم فى ظروف غامضة .. وفى نفس اليوم منذ عام فقط .. توفيت والدة مدحت ووالدة إبراهيم ايضاً !!! .. ماهذا صُعقت عندما أخبرنى إبراهيم بهذه المعلومات .. ليخبرنى انها لم تكن مصادفة على حد معرفته انها كانت جريمة قتل غامضة فى نفس الموعد الذى وُلد فيه مدحت .. أحسست من كلماته انه يتهم مدحت بالقتل خاصة وانه يوم مولده الذى كان دائماً ما يُوصف بالمشئوم .
كفى .. كفى غباء .. حدثت نفسى بعدما انصرف إبراهيم .. ألهذه الدرجة أنا احمق .. كيف أسمع من شخص يقص على حكايه شخص اخر واحكم على عقله إن كان مريضا أو صحيحا من خلاله ... اننى طبيب أنسيت .. لا بد أن اقابل مدحت .
طلبت من إبراهيم تدبير موعد لى مع مدحت لكى يكون التواصل مباشراً وسهلاً .

* * * * * * *

صباح اليوم التالى قابلت إبراهيم اخبرنى بان مدحت مريض ولن يستطيع مقابلتى .. زادت شكوكى اكثر واكثر .. طلبت منه ان اذهب اليه فى منزله ... فانا لن استطيع الانتظار اكثر من ذلك .
دخلت المنزل .. ذوق رفيع ينمّ عن عقلية جميلة عكس ما تصورتها تماما .
الاهم جلست لاحدث مدحت .. طلب مدحت من إبراهيم ان يذهب ليشترى بعض الاشياء ... ما إن نزل إبراهيم حتى اعتدل مدحت من جلسته ، وحدثنى .. " يادكتور ..إننى فى ورطة كبيرة، أنا القادم .. أنا القادم يا دكتور .. إبراهيم اخى وليس صديقى .. ابراهيم اصيب بمرض نفسى عجزت عن تفسيره ... عرفت انه قد اتى الى عيادتك ليقص عليك حكايته لكن بدلاً من وضع شخصيته وضعنى انا .. اراد اتهامى بالجنون .. هو من قتل والدى ووالدتى .. وهما اثنان فقط وليس اربعة كما اخبرك .. هو دائماً ما يعتقد انه من اب وام واننى من آخريّن .. لا يستطيع الاقتناع باننا اخوان ."

* هدئ من روعك يا مدحت .. لماذا يفعل هكذا .. ؟!

* لا اعلم .. أَحب فتاة فى الثانوية استمرت قصة حبهما قرابة العشر سنوات .. وبعد تخرجه فى الجامعة وجد انه ليس لديه من المال ما يساعده على بناء حياته .. رفض أبوه أن يساعده .. كان دائماً ما يقول له أنت فاشل لا تستطيع الاعتماد على نفسك ... اصبح كل همه هو الحصول على المال لاجل ان يتزوج تلك الفتاة .. ولكن فات الأوان .. لقد تزوجت الفتاة منذ عامين وهو مايتفق مع موعد قتل والدى .. لا أعلم أكثر من ذلك .

* ايمكننى الانصراف .. ساتحقق من بعض الامور بنفسى واعود لاحادثك مرة اخرى .. مع السلامة .
خرجت من المنزل بسرعة شديدة ... ما يقصه إبراهيم مختلف عما يقصه مدحت وكأن كل منهما يريد التخفى وراء شخصية الاخر من خلال انتحالها .

وما إن خرجت من المنزل وتمشيت قليلا حتى وجدت إبراهيم مقتولاً ومطروحاً على الطريق .. جنّ جنونى .. وزادت شكوكى أكثر .. ذهبت إلى مستشفى الأمراض العقلية .. بحثت فى كشوف من تم احتجازهم على مدار عمر المستشفى تلك .. حتى وجدت أن ..
إبراهيم محمد عبدالعزيز الجوهرى ، ومدحت احمد عبدالعزير الجوهرى
كانا من المحتجزين هنا .. وقد هربا منذ ثلاثة اعوام .

- تمت -

عبدالله فرحات 
يناير 2014 

مابين الأنا وضميرها وربها



ارفع رأسك ..  انزلها يمينا ويساراً بدلها على جانبيها ، انظر الى سقف الغرفة ومن ثَمّ الى الجدران الاربعة 
ثلاثة جدران ؟  ، اياً كان .. تسكن فى العراء ؟ 
. لا بأس انظر الى الخلاء المحيط .. دع بصرك وبصيرتك ينطلقان معاً
فلنتظر .. واتبع النظرة بالسكون والثبات بلا اى هزة دقيقة تحدث خللا بسيطاً فى تفكيرك 



اها ... لقد مرت الآن تلك الحسناء مرتدية المعطف الازرق اللامع تحت ضوء القمر الشاعرى لا تفكر كثيراً ، انهض من مكانك ، قُمّ وانطلق ، أستركض لتصل اليها ؟! لا .. حسنٌ انطلق بهدوء وثبات لا تعترض طريقها بل سِر بانتظام مع حركتها 


كم مرة مرت من امامك وترددت فى النهوض ؟ ، الخامسة والعشرين ، اليس كذلك ، كعادتها تمرّ يوميا منذ بداية ذلك الشهر المشئوم وهى تمرّ ، اعرف اعرف ، هى من تهوّن عليك مرارة ايام المشئوم البائس .حسناً اتركها تلك الليلة وانتظر لليلة  
. المقبلة واستجمع قواك كلِها غداً وفى نفس الوقت انتظرها فى مكانك 


. فلنرجع .. استمر كما كنت تفعل آنفاً ، لا تدع تلك الحورية تقطع اتصالك بعالم الرب

حدّق حدّق بقوة ، بقوة اكثر ، كفى كيلا تُصاب بالارهاق اترى تلك الشجرة القصيرة ، كم عمرها ؟ ، 25 عاماً ، اليس كذلك ، اها اليوم هو عيد ميلادك الخامس والعشرين بالتأكيد عُمر تلك الشجرة بتماشى مع عمرك ، او تسبقك بسنوات قليلة ،  
. شهدت ولادتك تحتها على وجودها

اها ، يالك من محظوظ ، أم متشردة وأب سكّير كيف سينجبان مثلك او على الاقل كيف كان لطفل حديث الولادة ان يبقى  
. للخامسة والعشرين من عمره ؟ ، الا اذا كان محظوظاً .. فلنشكر الله على ذلك   


حسنٌ ابتعد بنظرك مرة اخرى .. اها الجميلة مرة اخرى ، تدخل منزلها ، من هذا الذى يُقبلها , اهدأ لا تفقد سكونك ، انه
. والدها قُبلة على جبينها تحية العودة من العمل .. اتركها ليست هى ما اقصد 

بالطبع هذا هو ما اقصد ذلك المنزل ، لا لا تماسك ، أستبكى على اللبن المسكوب 
. قُضى الامر لا تتمادى وتحزن اكثر من اللازم .. 

اعرف اعرف ، ابوك وامك يسكنان فى نفس المنزل 
لكن كل منهما قد تزوج بآخر ويعيشون معاً
. اربعة فى منزل واحد .. ويتركونك تتسكع بالخارج .. لا بأس دعهم وشأنهم   


انظر فوقك مباشرة واترك عالم الارض هذا ، اترى ذلك النجم الذى امامك .. بالضبط يلمع بشدة ، يبدو قريباً على غير عادته 
" وحيداً بدون رفقة عائلته  " النجومية  ، 
انه يُشبهك 


لا بد وانها اشارة من الله لك ، ياالله على رحمته  .. لم يتركك وحيداً فى ذكرى ميلادك بل ارسل إليك نجماً يرسل التحيات ... تركك اصدقاؤك وذهب كل منهم الى امرأته ليرمى نفسه فى احضانها وينعم بضحكاتها ودفئها الليلى ... وانت هنا تنتظر رؤية تلك الحسناء ، وتتذكر فى كل مرة تجلس فيها هنا نفس الذكريات .. كفى هراء  ... انت متشائم اعلم ذلك .. لكن لا بأس ..
. الله هنا  وسينقذك  اعتذر له فهو  يسمعك  ، انك لم تصلى له اليوم الفروض كاملة   

 . اعرف اعرف ، سيسامحك بالطبع ، لكنّك لن تكرر فعلتك ثانية  . اليس كذلك ؟ اصدقك ، اصدقك   

.. آآآآآآآه 
ألا تستطيع اخذ انفاسك ، ان صدرك يضيق ... ماذا بك  .. فلنسأل الله عما بك علّه يجبك 
. هو الحكيم والمداوى والعالم بسرك الآن

.. اسيأخذك اليه الان ، اها ، انه يدعوك لتأتى اليه .. انتظر قليلاً
استصلى له الآن وانت تحتضر  .. اها ..  تحبه كثيراً اعرف واليوم هو ذكرى ميلادك

الآن فهمت  ، يريد ان يجعل منه تاريخاً مزدوجاً اليس كذلك .. 
. الوداع يارفيق 
- تمت -

عبدالله فرحات 
سبتمبر 2013 

شيء ما




(1)
ــ ألووه .. ( رأفت يوسف ) معك .. أها ، نعم أعرف ... سيدي ، ليس هذا اختياراً ، إنه واجبي .. وأنا أعتبر واجبي فرضا .. لا .. لا .. نعم أعني هذا ... إذاً ماذا ؟ .. هل تدرك المشكلة حقاً ؟! .. لا .. لكن ربما إذا طلبنا هذا من ( عادل ) .. ( عادل فرج ) .. ربما يقبل ... حسنٌ إذاً .. اتفقنا ... إلى اللقاء .... إلى اللقاء ..

(2)
ــ قلت لك لا ... لن أفعل هذا .. عليك اللعنة لست أنا آخر خلق الله .... لن أفعل .. وأرجو ألا تتصل مجددا ... أ .. ألو ... ! ..

(3)
ــ تسألني ما بي ؟ .. لن تفهمني ما لم تكن أنا .. لا .. كل ما في الأمر أنني أموت .. مرحى ، ياللسعادة ! .. إنهم يطاردونني ، في كل مكان يا ( خالد ) و .......

(4)
ــ يا دكتور أشعر أنها حالة ( بارانويا ) متقدمة .. لا ، كل ما قاله : ( إنهم يطاردونني يا ( خالد ) ) ثم ( ليس هناك وقت ) و ( سأكون ميتا حينها ) ... !

(5)
ــ أنا الدكتور ( أحمد رجب ) .. نعم .. علمت يا أستاذ ( عادل ) أنك تعاني من شيء ما ... سيكون محببا لي أن تزورني في عيادتي إن استطعت ... نعم .. تريد العنوان ؟

(6)
ــ لا .. لا .. كانت مقابلة محيرة يا ( خالد ) .. لا .. صديقك مريض ( بارانويا ) عتيد يا عزيزي .. ما يحيرني هو خروجه للقاء الناس بدون مشاكل ... كلماته كلمات مريض ( بارانويا ) ، كذلك تفكيره : كله ليس طبيعيا ... ربما مصاب بالفصام أيضا .. ربما أيضا مرهق نفسيا ... هذا جل ما يمكن قوله عن ( عادل ) صديقك .. لا أعتقد أنني سأصرح بشيء مؤكد حاليا ...

(7)
ــ إنه طبيب فاشل .. أنا لست مصابًا بـ ( بارانويا ) الاضطهاد ، لكنني حتمًا مصاب بنوع آخر منها .. شيء ما يحدث .. وحتما لن أعرفه ، على الأقل قبل حدوثه .. ربما لن أعرفه أصلا .. دعك من هذا .. إلى اللقاء .. لا .. ونعم بالله .. شكرا .. إلى اللقاء ....

(8)
ــ لا يا ( رحاب ) .. أقول لك أرسلت خطابًا غراميًًّا لفتاة حَوْلاء ، وتقولين لي أن أهدأ ؟! ..دسست الخطاب تحت عقب الباب ، وذكرت فيه أنها صاحبة أجمل ابتسامة في العالم – عليَّ اللعنة ، لا أفهم كيف قلت هذا ! ــ وأراهن على أنني اكتشفت مدى " جمال " هذه الابتسامة بعد علقة ساخنة .. نعم للأسف .. لا أعرف إن كنت أنا الذي فعل كل هذا .. لا أعرف شيئًا .. ! .. أنا لا أدرك أنني أفعل أشياء كهذه حتى وأنا أفعلها .. لكنني أنام – لابد من النوم هنا – وأستيقظ لأجد الجيران كلهم عند الباب يطالبون بتفسير موقفي وإلا سأكون في مشكلة إن لم أقنعهم ، ثم يعود إليّ سيناريو ما حدث كاملا .. وفي النهاية أرسم تعبيرا غبيا على وجهي ، متظاهرا بعدم معرفة ما يحدث في هذا المكان .. ثم أفتعل الاعتراض على دخولهم شقتي بمثل هذه الطريقة ، حينها لا أنكر أنهم لا يتركونني إلا بعد تقريع قفاي ..
 أمس أتاني والد الشمطاء ، صاحبة أجمل ابتسامة في العالم ، وبسهولة يمكنك تخمين ما حدث .. اليوم أتاني صاحب العمارة شخصيا ينعق في وجهي : " الإيجااااار " ... وغدًا تأتيني الشرطة بتهمة قتل أحد عابري السبيل ... لربما قتلت شخصا وأنا لا أدري ، وأنا في غيبوبتي الغريبة هذه .. لربما لست أنا ...

(9)
ــ أريد غرفة لشخص واحد .. سأكون موجودًا غدًا ... وحدي طبعًا ، لماذا برأيك أطلب غرفة لشخص واحد إن لم أكن وحدي .. ؟! .. أريدها باسم ( عادل فرج ) ...

(10) انتهت المكالمات ، حان للسرد أن يبدأ ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ساقه الشارع الممتد ، الحي على ضوء عمود النور العجوز ، إلى الفندق المعهود . دهس حشرة بحذائه قبل أن يطأ أولى الدرجات .. صعدها اثنتان اثنتان ، وقبل أن يدخل حاول أن ينزع أحشاء المرحومة من أسفل الحذاء ..
هناك ، حيث مكتب الاستقبال ، ينظر الموظف بعينين غائمتين ، ويحاول أن يغلق جفنيه استمتاعًا بنشوة النوم أثناء العمل التي يطرب لها أي مصري أصيل .. لم يكن وجود ( عادل ) محببا في هذا الوقت ، على الأقل بالنسبة للموظف الناعس ..
ــ المفتاح ...
ــ همممم ..
ــ المفتاح ، باسم ( عادل فرج ) ..
ــ ممممممم ..
مازال نائما ....
ــ أين المدير ؟!!
ــ لا يا سيدي أنا مستيقظ ، أنا مستيقظ ، ماذا كنت تريد ؟!!
ــ المفتاح ..
ــ همم حسنٌ ..
هذه المرة بصوت أعلى قليلا  :
ــ أين المدير ؟!!!
كان يستمتع بهذا ، أن يلعب شيطان المزاح في رأسك فتؤرق نوم هذا الموظف الذي يعمل ورديتين .. ممتع بالنسبة لـ ( عادل ) ..
ــ لا .. لا .. ها هو .. ها هو ...
*
من مذكرات ( عادل فرج ) - إذًا هو يكتب المذكرات - :
" أسوء حالات الفصام أو ازدواج الشخصية ، أن يعرف المريض أنه مصاب بها ... وأنا مريض بهما معًا وأدرك هذا جيدا .. "
*
في غرفته ...
تك .. تك ... تك
منبه يلعب على الخط الفاصل بين الصحو والنوم ، فيقحم ( عادل ) في حلم ملفق عن الدودة التي صارت تلعب الجولف ، والـ ... الماذا ؟! ... كان ( عادل ) يعرف أنه حلم ، ولذا بدت نظرة فرويدية في عينيه حين استيقظ ، إنها أحلام المنبه : " يعرف النائم أنه يحلم " ..
 وضع النظارة على عينيه ليشعر أخيرا أنه يرى .. ومطّ جسده في استمتاع .. الراحة ، هذه هي أسرّة الفنادق يا صاحبي وليست كالتوابيت التي ينام عليها أي إنسان عادي ..
كان الصباح في أوله .. تشقشق السماء عن شيء يسمونه النور .. وتتبادل العصافير السباب كما يقول الإنجليز .. يتبدل لون السحاب فيبدو كقطع قطن كبيرة في بحر عريض من الزُرقة ..
 هيهات .. ! .. إنه الصباح ...
*
من مذكرات ( عادل فرج ) – إذًا ما زال يكتب المذكرات - :
" حين أبحث عن الحقيقة أكونُها .. أكون الحقيقة ؛ مع مزيج من الزيف والأكاذيب .. واللاشيء ... "
*
أمس ؛ دسَّ في يد الموظف نصف جنيه معتذرًا عن ظاهرة ( اللا فكة ) أو ( اللا مال ) أساسًا .. عليه أن يعترف لقد أحسَّ ببعض تأنيب الضمير ..
سيناريو الليلة الماضية لم يكن جيدًا .. والبطل كان أحمقًا مكتئبًا .. لذا يتوجب أن تحدث بعض التعديلات هنا ....
إنها العاشرة صباحًا ... يستيقظ .. ينظر إلى المنبه .. ويغفو دقيقتين ...
*
مؤذن ينادي أن " الله أكبر " .. إنها الثانية عشر إذًا ...
شرود لعين يسحق أقل فرصة للتفكير .. يعلن السيطرة التامة على أركان العقل ... إنه ليس التأمل ، وليس بالتأكيد شرود الفلاسفة .. إنه فقط شيء غريـــــــــــــ.....
*
يـــــــــــــــب ...
الواحدة إلا عشر دقائق ...
الغريب حقًا أن كل هذا يحدث في أسبوع واحد فقط .. كأنك مستهدف يا ( عادل ) و... أها .. هناك شيئين غريبين حقًّا ...
ـ أولا : شخص ما يطرق الباب وأغلب الظن أنه موظف الاستقبال بملله العتيد .. !
ـ ثانيا ( وهذا الأهم ) : ( عادل ) لا يستطيع حراكًا .. !
ـ ثالثًا (إذًا هناك شيء ثالث ) : بشكل ما هناك ( عادل ) آخر يفتح الباب الآن .. يأخذ شيئًا من الموظف .. يغلق الباب .. يلتفت ناحية ( عادل ) الأول الراقد على السرير ... ويضحك .. ضحكة أخيرة لكليهما .. بعدها يكون أحدهما في المستشفى يحتضر .... !

                                             
 3 سبتمبر 2013

إياد عصام الزهيري .

الطعنة 2




(6)

كانت توقعاتى مابين الصواب والخطأ ... لا أملك الأدلة الكافية المدعمة بالاثبات العينى ،
... لكنى املك الادلة المنطقية وحسب 

!بالفعل ، كما توقعت لقد قُتل إيهاب ، لكن هل كان هو المدبر لكل هذا ... ؟
حتى الآن انا لا أعرف  
الدليل الوحيد الذى لقيته مطروحاً أمامى هو جثة إيهاب الملقاة خلف منزله 
قد فُتح رأسه نتيجى الضرب المبرح او سقوطه على حجر كبير من الحجارة التى تملأ المكان هنا 
.. عيناه قد خرجتا من مكانهما ، والدم يسعى على تلك الأرض كثعبان يلف حول فريسته 
 . حمداً لله اننى سلكت ذلك الطريق الذى اتجنبه فى كل مرة 


وها قد ظهر دليل من الادلة التى تمهد الطريق لانهاء تلك الرحلة المهلكة ،  تركت الجثة فى مكانها متلفتاً حولى متحققاً مما إذا كان احدهم يراقبنى ..  بدأت فى الركوض 
.. اسرع 
.. فاسرع
 .. فاسرع 

!أين انا الان ؟!! هل ضللت الطريق ؟
الآن انا امام منزل هيثم ، مالذى اتى بى إلى هنا ؟ ،
. لا بد وانه ذلك الشارع الذى سلكته منذ قليل ، لم اكن اعلم منافذه من قبل ... الآن فقط 



!الأهم أنا الآن امام منزل هيثم ، سيارة متوقفة امام المنزل ، إنها سيارة جدة هيثم .. ما هذا ، اين كانت من قبل ؟
تقدمت بضع خطوات للامام ، هممت بالدخول مرة اخرى ، لكن هذه المرة زدت قوة وثباتاً

 إنها جدة هيثم ، تحاول فتح الباب للدخول وبجانبها حقائب كبيرة ، هل كانت فى فترة سفر ؟! ، ومن الذى اوصل الحقائب إلى هنا ، هل عاد الخدم ، ام ماذا ؟! ،
!! كلها تساؤلات الذى افاق من سكرته للتو 

 تيتا ، اذيك ؟! - اهلاً عامر .. وحشتنى جداً -  
.. قبّلتنى كعادتها محتضنة إياى

: وانا بلهفة عقبت قائلاً

!وانا كمان ، بقالى كتير مش بشوفك ، كنت فين ؟ - 
. كنت مسافرة للقرية بتاعتنا فى زيارة للعيلة هناك -
 اممممم ، حمداً لله ع السلامة -

!اومال فين هيثم ، بدّور عليه بقالى كام يوم ؟
..  مش عارفة ، انا لسه واصلة حالاً - 

حاجة تانى ياست الكل ؟ - 
.  لأ شكراً ياعم محمد - 
الآن عرفت من الذى تولى مهم الحقائب ، عم محمد هنا 


تعالى ياعامر ادخل - 
..حاضر ، انا جاى اهو -  

وبمجرد الدخول وقع نظرى لا إراديا على مكان جثة تلك العجوز التى رأيتها مسبقاً ، بالطبع ، لا أثر لها ..  دققت النظر اكثر فاكثر ( قطعة قماش و آثار رماد ) ، لا بد وان المدبر لم يكن دقيق كفاية لإزالة آثار الخدعة ،
. لا بد وانها كانت دُمية محترقة  لخداعى ليس إلا 

لا استطيع الانتظار فى ذلك المكان ، الخيوط قد ادليت ، وعلى الامساك بها وتجميعا لتكوين النسيج المنتظر 


..  معلش ، هستأذن ياتيتا ، عندى كام حاجة عاوز اخلصها -
.  ماشى ياعامر ، بس خلينى اشوفك عشان واحشنى - 

بالطبع ما خطر على بالى الآن هو الذهاب إلى منزل حسين ،
. ربما اجد خيطاً آخر كما حدث فى منزل هيثم .. ومن قبلها جثة إيهاب .


(7)


خمس دقائق ووصلت للعمارة ، توقفت فى مكانى كالصخرة ، ليس خوفا او ارتباكاً ،
بل تصدياً لذلك الابله  حسين  

اصطدم بى ، وقع منه الهاتف ، لم ينتبه إلى فى البداية ، لانه كان منشغلاً بالنظر فى الارض ، امسكته من رقبته ضاغطاً عليها ، كالذى يريد التخلص من احدهم ، امسكت الهاتف من يده واكملت انا الحوار مستمعاً فقط 


 .. خلص مستنيك فى القهوة -
 ذكر اسم المقهى ، لم يكن المقهى الذى اعتدنا ارتياده 
 .. وضعت الهاتف امام فم حسين ضاغطاً على رقبته ، اى اكمل بالرد 

 حاضر ياهيثم ، انا فى الطريق اهو - 

وصلنا الى المقهى ، تقدمنى حسين ببضع خطوت وتبعته انا مابين المسرع والمبطأ ..  لاحظنى هيثم حاول ان يجرى ، .
.. لكن الغبى فى آخر المقهى لم يعلم بقدومى ، إلا عندما اقتربت منه بمسافة مناسبة بالنسبة لى ، لامسكه 
. لن يستطيع الافلات  

 بس بس بس -
.. خليك فى مكانك مش هأذيك مابستقواش ع حد

انت عايز إيه ياعامر ؟ -

 اقعد نتفاهم بهداوة ، بدال مانت عارف ممكن اعمل ايه ؟ -

حاول تهديدى باخراج سلاحه الابيض ، معلناً اياه لى فقط خافياً إياه عن الزبائن 
لم استغرب ما فعله الآن فليس بجديد على مراهق فى الثامنة عشر من عمره ،
 .. يتركه والده الطبيب بلا رقابه ، ان يمتلك مسدساً حتى . 

امسكت بذراعه جيداً ولففته خلف ظهرة بالتواء ، صرخ متألماً واوقع سلاحه 

..  اظن انا قولتلك نتفاهم احسن ، ياهيثم - 

.. قطع حسين الحديث ، الذى كان يكتفى بالمشاهدة  
 طب نقعد ياجماعة نتفاهم -

.. جذبت هيثم للاسفل للجلوس مشيراً لحسين بأن يجلس هو الآخر 
.. واكملت وانا امسك الكرسى لاقوم بادارته واجلس كعادتى ، واضعاً يداى على المسند الخلفى المتواجد امامى الآن 


..  من غير لف ودوران ، بص ياسيدنا -
عرفت انك عارف موضوع الفلوس بتاع ابوك وعرفت ، انك بتحاول تكوش عليهم وحدك وبعد مانطرت إيهاب خالص م اللعبة 
.. بتحاول تقضى ع الغلبان اللى مش فاهم حاجة ده  

.. بدأ فم حسين فى الاتساع دهشة بما يسمع 


 إيهاب ؟!! ، انت شوفته ؟! -
!آه شوفته ، لا اله الا الله ، يعنى تقتله وتسألنى شوفته ؟ - 
اقتله ؟! ، والله العظيم ابداً  -
.. احلف .. ومنين اصدقك - 

..  طب والله العظيم ابداً -
طبعاً استحالة تصدقنى بُص ، هى طالما وصلت للقتل ، فلازم اقولك ع كل حاجة ونتكلم ع ميه بيضه 

كل الل اقدر اقولهولك انى هددته بس ، عشان حصل خلاف حوالين الفلوس دى ، بس ، انا ماوصلتش انى افكر فى القتل  انا اصلاً ما فكرتش فى موضوع الفلوس ده 
اللى بلغنى اصلا بالكلام ده هو البرت 
بلغنى ان بابا عنده مبلغ ضخم فى البنك بتاعهم فى المانيا ،
حيث ان بابا شبه مقيم هناك
الغريب انه بلغنى ان بابا عميل معاهم اكتر من 15 سنة وانا ماعرفتش الموضوع ده ،
لكن كل للى لفت انتباهى ان البرت بلغنى ، مافيش اى علاقة تربطنا ، واشمعنا انا بالذات ، معرفش !! 

: قاطعته  
وده ايه دخله بموت إيهاب ؟ - 

 ماهو انت اتهمتنى بكده ، وانا ماليش اى مصلحة انى اقتل ايهاب ومعرفش ايه مصلحة البرت ،
انه يبلغنى الكلام ده ، فاكيد لازم نبحث وراه وانا هساعدك 

فى تلك اللحظات ، يلعب الشك لعبته العقيمه بعقلى اتصال من اجل ايهاب 
انتهى من محادثته ، تلك المحادثه كانت من دانيال مدير ذلك البنك الالمانى ، انه مصرى الاصل ، الان وصل الى المطار ويود مقابله هيثم ، فى مكان ما قريب ، كما اخبره البرت 

اليوم ليس مناسباً للقائه ، كنا منهكين ،
. ومن المؤكد ان دانيال فى حاجة الى الراحة من السفر ...  غدا الموعد المتفق عليه .. 

عدنا الى منازلنا ، لا اعرف كيف آمنت لهيثم وحسن بعد تلك اللدغة السامة السابقة ، لكنى عرفت كثيراً من الحقائق ،  
! غير مجدٍ الهروب بالنسبة لهم ، بالطبع 

(8)


ماهذا ، هيثم مقتولاً امامى ، حسين وإيهاب يتحدثان وفى يد حسين السكين ، فجأة ظهر آخر ، مطالباً اياهم بالرحيل بسرعة ، يحدثهم الانجليزية ذات لكنة مجهولة يتخللها كلمات المانية اعرفها جيداً ، يردون عليه بالانجليزية فهى وسيلة الفهم الوحيدة بينهم ، سمعت فى آخر جملة لهيثم ، كلمة ألبرت

لا بد وان هذا هو المدعو البرت الذى اخبرنى عنه ، ماهذا تقابلا من دون ان اعلم ؟!
 فجأة نظر الثلاثة إلى وانتبهوا لوجودى ،
ركضوا خلفى اسرعت فى الركوض ،
.. قفزت من فوق ذلك المبنى العالى إلى اسفل 

آآآآآآآآه ، آآآآآآآآآآآآآآه

شهيق .. زفير .. شهيق .. زفير  .. شهيق زفير 

تناولت زجاجة الماء من الكومدينو المجاور للسرير ، شربت بضع قطرات من الماء لأهدأ من روعى ،
.. ذلك الحلم المفزع كاد ان يقتلنى رعباً

 ماهذا ... انها السابعة صباحاً ، على الاستعداد لم يتبقى سوى نصف ساعة على لقاء هيثم و دانيال ... 
التقينا فى الشارع الذى  يقع به المقهى الذى كنا به بالامس ، ترجلنا حتى وصلنا للفندق المطلوب الذى نزل به دانيال ،  
. فنحن فى منطقة سياحية تكثر بها الفنادق 

، كان على الا اظهر فى ذلك اللقاء اكتفيت بالمراقبة من بعيد واعتمدت على معرفة ملامح الحوار من هيثم
!لكن لماذا لم يأتى حسين ؟ 

رن هاتف هيثم بدأت ملامح الارتباك عليه من بعيد ، بمجرد ان سمع رنة هاتفه المحمول
 نسى هاتفه وادواته معى ، كأنه كان يريد القول ، لا لا تفعل 
فتحت الخط لسماع المتصل الذى عرفت انه البرت فيما بعد بلهجته التى اكاد افهمها ،قال انه تم التخلص من حسين مثل إيهاب ... اغلقت الهاتف اشتعلت غضباً وجرى الدم فى عروقى ضغطت على اسنانى وصرخت صرخة داخلية مع
.. اتساع عيناى واشتعال عروق وجهى التى كادت ان تخرج منه 


اسرعت متجها لهيثم امسكت برقبته ضاغطاً عليها وطرحته ارضاً ،
: لكمت ذلك المدعو دانيال ، نزلت الى الرض واقترب من هيثم صارخاً فيه 

 !! اطلع معايا انت والكلب ده حالاً - 

لم تكن صالة الاستقبال فى الفندق ممتلئة بالزوار فقط العاملين وثلاثة قد صعدوا إلى السلالم ولم يلاحظوا المشهد 
حاول الامن التدخل ، لكن دانيال اشار اليهم ، انه سوء تفاهم شخصى ، لا داعى للتدخل من قِبَلهم 


ترجلنا خارج الفندق محاولين إيجاد مكان بعيداً عن جميع الانظار  للتحدث بحرية تامة 


 . هيثم ، ماهو انا يافهم ايه اللى فيها ، ياالمسدس ده هيخلّص عليكوا انتوا الاتنين - 

خرقت كل القوانين ، كسرت كل العادات ، ليس من عادتى التهديد ، فهو سمة الضعف ، على الاقل بالنسبة لى 
ذلك المسدس الذى خلفه لى د . صلاح الدين والد هيثم ووالدى بعدما تبنانى 
بعدما دربنى على استخدامه جيداً ، استعداد لمثل هذه الايام ، 10 سنوات مرت على تعليمه اياى ، لكن الايام اعادت  
.. تذكيرى كيف اتعامل مع تلك الاسلحة بحكم  قدرى 


حان الوقت لاستخدامه اكثر جدية .. يدى ترتجف من الخوف ليس من هيثم او من دانيال وانما خوفاً من افقد صوابى ولا
.. أقدر على امتلاك أعصابى ، فاقوم بتفريغ الطلقات فيهما 

وبمجرد ان رفعت المسدس باتجاههما ، ارتبكا كثيراً حاولا ان يتظاهرا بالثبات
.. ووافقوا على التحدث واخبارى بالامر الذى طال 


اخبرنى دانيال بكل التفاصيل ، فقد عزمت على ان اسمع منه لا من هيثم تجربة لمدى صدق العدو الجديد الذى لم يخادعنى حتى الآن أخبرنى بأن مبالغ د . صلاح الدين كانت من اضخم المبالغ فى البنك ، لا لم تكن من الاضخم ، بل كانت الاكثر ضخامة ، بفروق هائلة بين جميع حسابات العملاء ، مما اغرى دانيال فى الحصول على المال .. ولكن مالذى
!يغرى مديراً لبنك عظيم ، ذو مكانة مرموقة ويؤدى الى تلطيخ ، سمعته وكفائته فى ادارة البنك ؟ 

لكنه كان قد اوشك على انهاء مدة عمله ، فقرر ان يتشبع بالمال ، فلا سمعة تهم ، ولا كفاءة تجدى 
.. لا اعلم ما سر الطمع الذى تسلل الى نفسه فجأة هكذا 

.. لا يهم فالطمع فى كل نفس بشرية يحتاج من يوقظه وهناك من يحافظ على ابقائه خامداً 
بعدما خاف دانيال من ان اقتله ، اخبرنى بكل هذا ، اما هيثم اكتفى بالاستماع فقط 

.. فى تلك اللحظات اتتنى مكالمة هامة لكن على هاتفى الخاص ، هذه المرة 

جمعت تلك المكالمة الخيوط لنسجها الآن .. 
اخبرنى د . طلعت مدير البنك الحالى بان دانيال بالفعل ، كان يحاول سرقة المال قبل انهاء خدمته د . طلعت مصرى الهوية ولكفائته سافر الى المانيا وتولى ادارة البنك هناك ، اما دانيال لم يكن مصرى الاصل كما علمت ، بل كان المانيا حاصلاً على الجنسية المصرية ، بحكم تردده على مصر 

الذى ابلغ عن احتيال دانيال هو البرت ذلك الموظف الذى ابلغ هيثم بامر المال ظناً منه بانه سيحصل على مكافأة من ادارة البنك ، لامانته ، فيظفر بالحلال له من المال دون ان يلطخ شرفه ،
.. او بالادق كى يتجنب المساءلة القانونية 


لكن دانيال كان اخبث من البرت اتهم دانيال  ، البرت بانه موظف غير مرغوب فيه ويقوم باعمال ليست بجيده وبصفته مديره فى عمله ، من مهمته محاسبته إلا انه انتظر قبل نهاية خدمته بيوم واحد ابلغ الادارة الجيدة ، مما ادى الى الشك فى امر الالعوبيّن ( البرت - دانيال ) البرت تم القبض عليه وارساله لسفارة بلده فى مصر لتقوم بمهمهتها ،
حسب ما وصلنى من الاخبار ، لكن ما دخل السفارة  .. سأتأكد بنفسى فيما بعد 


اما دانيال لم يتم امساكه بعد فاخبرنى د . طلعت اثناء محادثته ما اذا كنت رأيت دانيال فى مصر فمعاملاته معروفة ومحددة لم اخبره بالامر إلا انه طلب منى تسليمه إلى السفارة عندما امسك به .. وبعد انتهائى من محادثة
د . طلعت اتانى هاتف آخر يخبرنى بأن هيثم هو من قتل إيهاب كما أن حسين قد قُتل ولا احد يعلم من المتسبب .
.. حتى الآن ، لم يعثروا على البصمات المطابقة لبصمة القاتل بعد 



حسين قبل مماته بايام علم بان نهايته قد اقتربت ابلغ عن هيثم واعلم الجهات ، بمكان جثة ايهاب ، حتى تأكدوا من ان هيثم هو القاتل بعد رفع البصمات التى تعرفوا عليها بسهولة ، فلم تكن اول جريمة لـهيثم ، بل انها جريمة  ستنضم لقائمة سوابقه فيما بعد 

الآن امامى مجرميّين ، ولا بد من ان يتم تسليم كل منهم الى من سيتولى امرهما 

لكن لحظة مادخلى انا بهذه اللعبة ولما كل الحيل التى قام بها مثلث الشيطان  
( إيهاب - حسين هيثم )
لما كل هذا الرعب والذعر 


 هيثم ليه كل اللعب اللى حاولت تلعبه معايا ده ، ليه جو السحر والشعوذة ده -
ليه خوّفت ابراهيم جاز حسين المسكين ع الفاضى ؟! 


 ماتنساش اننا اصحاب يعنى احنا التلاتة عارفين ايه هى نقطة ضعفك -
الشئ الوحيد اللى ممكن يقهرك هو السحر ، وسيرته ،
.. بعد فترة بسيطة ممكن يقتلك تلقائياً 


.. هيثم وكأنه يعترف بجريمة قتل كانت ستحدث لكن لم تفلح ، يعترف بهذا لانه يعرف قوتى 
قوتى الجسمانية وقوتى السلطوية فانا شاب فى منتصف العشرينات تابع لاحدى المؤسسات العسكرية وبالتالى فعليه تجنبى جسدياً ، وانا لا احب كلمة سلطة ولا استغلها فى امورى الشخصية 

هيثم وجد انه لا مفر من تهمة قتله لـإيهاب فاعترف بانه من سلط البرت على قتله ،
.. فهو صاحب البصمات المجهولة حتى الآن   


فى تلك اللحظة هاتف آخر يبلغنى بانه تم العثور على جثة البرت فى ظروف غامضة وبالفعل تم التعرف على بصماته ، ماهذا ايهاب قد قُتل وكذلك حسين و البرت


هيثم امامى الآن و دانيال ،
!من القاتل إذاً ؟


لا يهم ، سيظهر فى الوقت المناسب 
سارعت واقتربت من هيثم ضربته على رأسه بقاعدة المسدس وهكذا دانيال 
طلبت سيارة خاصة لنقلى من هذا المكان وتسليم هذين المجرميّن 


(9)

خبر وفاة د . صلاح الدين وقع على وقع الرصاصات التى تخترق الجسد فى تسابق حميم للقضاء عليه 

رحمك الله د . صلاح صديقه الصدوق مسبقاً ، د . طلعت المدير الحالى للبنك ،
... علم بامر ماله الضخم الذى استطاع د . صلاح تكوينه فى مدة تتجاوز الاربعين عاماً 



د . طلعت اراد الاستيلاء على الاموال كاملة ولكن عليه التخلص منى لأنى الوحيد الذى كان يعلم سر المال وبالتالى سيتم تحويل كل تلك المبالغ الى حسابى عند وفاة د . صلاح الدين 


فسلّط البرت ، لكن دانيال كان قد سلطه من قبل ،
فحاول التخلص من دانيال بالتبليغ عنه وتولى امر البرت بطرده من عمله من خلال الادارة القديمة 

قبل ان يُبلغ عن البرت قام باغرائه بان اخبره ان له نصيباً من تلك المبالغ الطائلة ، وامره بتبليغ هيثم الذى لم يكن يعلم بالامر ، لكنه كان سيعلم عند وفاة والده من تلك الوصية التى امرنى فيها ان ابلغ هيثم بالامر  ، هيثم هو الآخر جرى الطمع فى عروقه ، واراد الحصول على المال وحده ولكن يجب ان يقضى علىّ اولاً ... فتعاون مع ايهاب و حسين المغفليّن ، الذين قام باغرائهما هو الاخر بالمال  لكنه تخلص منهما قبل فوات الاوان 


د . طلعت كان المتحكم بكل تلك اللعبة
 إيهاب و حسين  قد قُتلا 
البرت  - قُتل هو الآخر فى ظروف غامضة 
دانيال تم طرده وتتم مقاضاته الآن 

د . صلاح الدين قد مات 


لم يتبقى سواى انا و هيثم 
هيثم سيتم القضااء عليه من خلال الاتهامات المنسوبة اليه التى تؤدى الى نهاية مصيره 
بعدما كانا متفقين على اتمام اللعبة معاً  بعد التخلص منى والسيطرة على الاموال وحدهما 


لكن لم يتبقى سواى فى تلك اللعبة المواجهة الآن لـ د . طلعت 
كانت كل تلك اللعبة من اجل التخلص منى اولاً ثم على الآخرين لكنه لم يستطع ، تخلص منهم جميعاً عدا أنا 
الذى يهابه ، الذى سيقف له بالمرصاد



(10)


بعد تشييع جثمان د . صلاح الدين ، الذى عاد من المانيا فوجئت بمكالمة غريبة 
مكالمة تهديد لكنى اعرف نبرة الصوت تلك مابين نبرة د . طلعت و د. فؤاد 
الصديق الثانى لـ د . صلاح الدين 


لم اكترث للامر  فمكالمات التهديد كثيرة ، وكشفت لغز اللعبة 
فاستطيع التصدى ان كان د . طلعت او حتى د . فؤاد 
وتلك المرة الأمر سيتطلب تبليغ الجهات واصدقائى فى عملى العسكرى  


بعدما انتهيت من قراءة الوصية  تخلصت منها بعدما قد حفظت كل كلمة فيها عن ظهر قلب 
وآخر اوامر د . صلاح الدين هو الاهتمام بـابراهيم جار حسين ، الذى اصيب بالصرع من لعبة هيثم القذرة 

ان ابراهيم هو اخى ايضاً واخ لـهيثم ايضاً لكن من ام اخرى
 لا بد وان هيثم ادخله فى تلك اللعبة لهذا السبب ، انه خبيث يتظاهر بالجهل عن الامور رغم معرفته بها 

لم اعر اى انتباه لاى تهديد او مكالمات سخيفة كل ما كان يشغلنى هو تنفيذ وصية د . صلاح الدين 
.. باسترداد المال والاتحاد مع ابراهيم 



 ابرهيم اخوك يا عامر ، عليك الاعتناء به ، اعتنى بالاموال جيداً ، وحافظ على مسيرتى واكملها  ، انا واثق من قدرتك على اكمالها اتحد مع اخوك الطاهر ( ابراهيم ) لن ولم يكن مثل هيثم فهو طيب القلب اعرفهمها جيداً  

د . صلاح الدين
المانيا 
2013 / 10 / 15 



- تمت -

 عبدالله فرحات ... 18 اغسطس 2013