ابن الندالة !


جلسا سوياً امام التلفاز وبين القنوات التى سافر بينها الاب استرعى انتباهه مسرحية " رد قرضى " ، فقد كان قد  
 ... شاهدها سابقاً ، واراد مشاركة ابنه هذه المرة 

فأتى المشهد المطلوب الذى يحتاجه ذلك الاب اللئيم ، حينما طالب الاب  - فى المسرحية -  ابنه بكل مستحق مالى قام
...  بانفقاه من يوم ان ولدته امه -ذلك اليوم المنحوس - حسب ما يدعوه البعض 

امسك الاب " بالريموت " وضغط على زر الاطفاء بهدوء ، ثم اعتدل فى جلسته ضاماً رجليه اليه مستنداً بظهره للوراء 
: ناظراً الى ابنه قائلاً

  !! شوفت يابنى ، ابّاهات آخر زمن ، بيطالب ابنه بعد العشرة الطويلة دى ، بس برضه يعنى عنده حق الراجل - 

: الابن

نعم ؟ - 
!!عنده حق انه يطالب باللى صرفه مش ابنه من لحمه ودمه ؟


: الاب 
تخيل كده انى جيت يوم وطلبت منك زى مالراجل ده طلب من ابنه ، هتعمل ايه ؟ -

: الابن
هااااا .... هاااا ، انت بتتكلم جد ؟

: الاب
! مجرد سؤال عادى يعنى -


!! بصراحة مش هعمل حاجة ، بس اذا اصريت احاول اردلك الفلوس دى ، بس بالحب والحنان والبر والطاعة ليك -

!! نعم ياروح امك ، هو انا اصرف عليك دم قلبى وانت تقولى حب وحنان ، الفلوس تجينى ع داير مليم  -

اذا قدرت ، وانا وظروفى -

ذهب الابن للنوم وكان الاب قد قام بتجهيز " وصل امانة " وكتب ما يحلو له ، وقام بوضع بصمة ابنه على الاوراق دون ان يشعر - حسب ما اعتقد -  ، لكنه لم يعرف دهاء ابنه الماكر ، فحينما اتى اليه بالورقة البيضاء وهما يشاهدان التلفاز  ، وطلب منه توقيعه لحاجته لهذا الاقرار للمدرسة ، كان قد استغل عدم انتباه والده
واخذ التوقيع وكتب المبلغ الاكثر ضخامة


فاتى فى اليوم التالى واستيقظ فوجد الاب قد قام بطلب الشرطة لتهديد ابنه  وارغامه على الدفع سريعاً
... لكنه لم يعلم ما فى جعبة ابنه الماكر



: الظابط 
!! تعالى معانا يابنى من غير مشاكل .. يا تسدد الفلوس دى يا تتحبس -  

: الابن
بص ياحضرة الظابط -
الحاج بيطالبنى بفلوسه اللى بصّمنى عليها وانا نايم وفاكرنى مش واخد بالى ، احب اوريك هو كاتب 
!! على نفسه كام ، يعنى المفروض تخدوه هو

: الظابط (بعدما رأى الورقة والمبلغ المكتوب ) قائلاً 

! يلا بينا ياحاج قدامى -

! يابن الكلب ، عملتها ، انا استاهل ضرب الجزم -
... حسبى الله ونعم الوكيل فيك ... حسبى الله ونعم الوكيل فيك    

- تمت - 

 عبدالله فرحات ... 12 يونيو 2013 

ولاد المجانين !



دخلا للمسجد ليؤديان صلاة العشاء 
الجامع واسع وكبير " يشد النفس " لدخوله والمكوث فيه طويلاً 
كان احدهما من النوع غير المعتاد على دخول المساجد كثيراً 
فكان دائم المزاح والهراج فى الجامع 


.... لكن الآخر لم يهتم " كبر دماغه " ودخل للصلاة دون تردد 


بدأت الركعة الأولى وقام المصلون بالتراص لبدأ الصلاة 
وفى هذه الركعة ، أطال الامام فى الوقوف ، وصاحبنا هذا يحاول التحدث لكنه يمتنع 

: وفجأة قال الامام 
الله اكبر -


: ركع الصديق هامساً 
اخيراً -


! سمعه الآخر وبعض المصلين ولم يعقب احد لانهم فى الصلاة 


وبينما هم فى جلسة التشهد للركعة الثانية 
: مرت من امام هذا الصديق (اللامبالى) حشرة صغيرة ، قام بمسكها ودهسها بين اصابعه محدثاً اياها 

! يابنت الـ .. عارفة لولا انى بصلى - 

! سمعه المجاور له كان على وشك ان يضحك لكنه امسك عن الضحك 

بعدما قام الجميع للركعة الثالثة ، وبعدما حانت لحظة الركوع 
: سها احدهم وقام بالسجود ، نظر اليه هذا الولد الاحمق جاذباً اياه من جلبابه قائلاً 

!لسه لسه ماسجدناش - 

نهض المصلون للركعة الرابعة ، وبينما هم قائمون ، احدث احدهم صوتاً اشبه باصوات (الحمام ) على نهج المدافع والضرب
  المتتالى ، فقام هذا التافه بالضحك على رجل عقبه المجاور له بالقهقهة حتى قهقه الجميع الصف كله ، ثم بقية الجامع 


: وبعدما وصلوا للسجود كان الامام  قد اطال كثيراً ، حتى قام اثنين من المصلين بالنظر الى بعدهما قائلين 

يكونش قال الله اكبر واحنا ما سمعناش -
تعالى نشوف - 

!! نهض الرجلان لينظرا الى الامام ... لم يجدوا الامام 

!!!!! لقد ترك الامام الصلاة والمسجد ورحل 


واكتشفوا فى نهاية الامر ان الامام كان هاربا من مستشفى الامراض العقلية وحاول انتحال شخصية المشايخ وطلب ان يقوم بالامامة ولم يعترضه احد 
وان الصديق الاحمق هذا هو احد اصدقائه الذين كانوا معه فى المستشفى 
وكان هناك مجموعة اخرى من المختلين عقلياً 

- تمت -

عبدالله فرحات ... 9 يونيو 2013 

انا وهى وابوها !

(1)
اعتدت انتظارها ورؤيتها اليومية 
قبل الذهاب الى المدرسة انتظرها فى مخيلتى حتى تلتقى بصديقاتها  ، فاتحسس موعد الخروج لاخرج من منزلى الذى  
! يبعد عنها ، فلذلك يصعب علىّ معرفة وقت الخروج تحديداً 

ارسم وجودها فى مخيلتى حتى اشعر بالدفأ 
لا اعلم اصارحها بما احوى ام لا .. ترددت كثيراً حتى اتت اللحظة المناسبة للاعتراف 

بدأت فى الاشارة اليها فى كلماتى ، فتفهم ويمنعها الخجل من النطق فتتلعثم ، وبراءتها تمنعها من التصديق ، ففى ذلك الزمان كثر الشبان "الشهوانين " ذوى النوايا الخبيثة 

لكننى لم اكن كذلك ... 

تحدثت اليها فى حوار لم اكن اتوقع ان يأتى مطلقاً ، او ان يساندنى القدر فى التحدث اليها ، فانا رغم جرأتى المعروفة ، جبنت الحديث ومذاق التجربة الذى قد يكون اليماً


حتى جاء اليوم الذى تحول فيه الهزل الا الحوار المصيرى 


   طبعاً عارفين بعض وكده من زمان .. ايه اخبارك - 


... تقرأ الرسالة وتنتظر قليلاً ، مترددة فى الرد 




! الحمد لله ، اه عارفاك ، انت صديق من الطفولة طبعاً - 

!  طيب الحمد لله كويس  - 

توقفت هنا ، فقد  بدأت وتوقفت عند البداية .. فانا جرأتى قد اهدرت فى سبيل حبها 
وهى خجلها يعقد لسانها على ان ينطق ويفتح حواراً معى 

! لكنى حدثت نفسى قليلاً ، ساترك القدر يأتى بالحوار المناسب 
وفجأة حدثت مشكلة كان اطرافها نحن الاثنين 


فلجأت الى الحديث اليها لحل المشكلة .. لا اتذكر تفاضيلها لكن كل ما اتذكره ان كلانا ترك المشكلة ولم يفكر بها فتحنا حوار اخر فى " الشخصيات والعواطف " ، حتى بدأ الحوار المنشود لدىّ 



... هو انا هسألك سؤال  -
احنا كعادتنا فى البلد دى
( المقصود بالبلد المنطة التى نسكن فيها وليس الدولة على  النطاق الواسع)
، ان المفروض البنت مش بتكلم الولد ، لان بيبقى فى نظرات مش كويسة ليها ، قوليلى اتكلمتى معايا ليه ، لو حد اتكلم معاك قبلى او بعدى كنت هتقبلى ؟



انتظرت قليلا فالحوار بدأ فى نطاق شخصى بحت يداعب الاسرار الخفية الساكنة فى القلوب 
: ردت قائلة 

لأ طبعاً مش اى حد ، انت عارف اننا اصدقاء اه من الطفولة وانا اعرفك وعادى يعنى ، لا مجتمع ولا بتاع ؟  -


بدأت من هنا افك شفرات شخصياتها المبهمة لدى ، متحسساً الامل بين شفتيها بكلامها الذى سيخرج الى قلبى يطمأنه 

: واتتنى لحظة  من الشجاعة المفرطة غير المعتادة لدى قائلاً لها  

!وايه بقى علاقتك بالحب وكده بقى ، يعنى شايفاه ازاى؟ -

.. بص انا هقولك -
انا مش مقتنعة بالحب ، بس انت شخصية عاقلة المفروض يعنى تكون مش مقتنع بيه قبلى
... انت شايف اننا فى فترة مراهقة ولسه صغيرين ع الكلام ده


بصى انا هقولك ع حاجة مش معنى انى عاقل انى لا اؤمن بوجود الحب ، هو شئ وجدانى طبيعى موجود -
اصله يعنى مش حاجة دخيلة علينا ، ده انت حبك لوالدك ووالدتك حب .. يبقى ازاى مالوش وجود وهيفضل ثابت حتى  
! بعد فترة مراهقتك ، يبقى اكيد الحب المقصود بيه ( الارتباط ) هيفضل موجود طالما الناس غرضها شريف 



! طيب بس انا مش قادرة اقتنع -

   !طيب انا شوفت صاحباتك وقعوا فى الحب ماتأثرتيش بيهم ليه؟ -

! اه هم بصراحة وقعوا ، بس طلع اللى ما بينهم فشنك -

   طب ما صاحبتك الانتيم وصاحبى الانتيم حبوا بعض ، ازاى وهم اقرب ناس لتفكيرنا ؟ -

عندك حق -

طيب يبقى ايه؟ -

ايه؟ -


! انا كتبت اكتر من شئ احاول اقرب وجهات النظر ، لكن واضح ان حضرتك رافضة يعنى -

اه انا حسيت ان انت تقصدنى وانا ما اقدرش اتكلم ، بس انت فعلا تقصدنى ؟ -

بالفعل اقصدك انتى ، ايه قولك ؟ - 


بدأت لحظات الخجل المتظرة المصحوبة بالردود المطلوبة .. التى قمت برسمها فى حروفها الخفية 
  وتأخرت كثيراً فى الرد وانا على امل معلق فى حروفها التى ستنثر بعد قليل  

! طب سيبنى افكر -


حاولت التعجل فى الرد لمعرفة الامر والارتياح ، لكن كل هذا بلا جدوى 
انتظرت لليوم التالى 


ها قولتِ ايه ؟ -

! بصراحة انا مترددة ، خايفة مشاعرك تكون لعبة ونكون بنوهم بعضنا -

!طب واثبتلك ازاى ، اللى بوسعى اعمله؟ -

لالالالا خلاص انا موافقة -

يااااه طب وليه الجنان ده من الاول -

عشان انا اصلا بحبك، بس ماقدرتش اعبر وخفت اتصدم او اكون موهومة -

ياسلام يوم المنى فى حياتى ، ريحتينى قبل ما اسافر -

تروح وترجع بالسلامة ياحبيبى -


(2)
يشاء القدر ان اذهب للسفر ، واصاب واذهب للمستشفى بسبب الجروح الشديدة الناتجة عن الحادث 
!! لم تعلم حبيبتى فقد كنت على فراش الموت فى سباق مع روحى هل ستبقى ام ستخرج 

لكن شاء القدر ان اخرج واستطيع القاء هذه الكلمات على اوراقى ، ولم اقم باخبار حبيبتى 
لكنها علمت من صديقى 

تألمت وبدأت بالصراخ فى جنون .. نظر اليها اهلها ماذا حدث 
لا تستطيع الرد والتعبير اتخبرهم الحقيقة ام تستمر فى الكتمان رغم ما يبدو عليها واضحاً 

لكنها تظاهرت بالاعياء واخفت الموضوع 

ثم بعدها بيومين ، بدأت مضاعفات الاصابة فى الحادث فى الظهور والتألم مرة اخرى 
ويشاء القدر ان اذهب الى مستشفى قد تواجد فيها والدها للعلاج 
فرأتنى ، ووقعت نظرتها على  فكادت ان تجن 

وتظاهرت هذه المرة ايضاً بخوفها الشديد على والدها ، فما زالت تخفى خوفاً من الادلاء بما تخفى 


وتشاء الاقدار ان اراها بعد خروجى من المستشفى ذاهبة الى منزلها 
سرت ورائها وحين رأتنى ازدادت فرحتها وبهجتها
لم تحتاج للكتمان فاستمرت كما هى 

لكن حدث وقد صادفت والدها وتحدثنا سوياً فى منزلهم بحكم العمل الذى اتى به القدر لنعمل معاً 
فتأتى هى وتتحدث الى والدها ، وبسبب برائتها 

... تفضحها عيناها وتنضح بما تعج ، وانا لم استطع الاخفاء 
ووالدها جالس فى ذهول 

انتم تعرفوا بعض ؟ -

سكتنا طويلا ونحن مازلنا ناظرين الى بعضنا 

انتم تعرفوا بعض ؟  -

مجرد اصدقاء يابابا - 

اصدقاء متأكدين ؟  -

اه اصدقاء بس ياعمى ؟ -

عمك ؟ -

اه قول بقى انك بتحبها وكده؟  -

!!! اه بحبها -

: نظرت الى نفسى وكادت عيناى ان تخرج من مكانه قائلا فى نفسى 
" يالهوى ع الهبل عمالين ندارى الكام سنة دول ودارى ع شمعتك تقيد ، ادينى طفيت الشمعة وسيحتها كمان "

!! فوزييييييييييييييييييييييية ، هاتى الحبل اللى جوه يا فوزية -

!! تعالى يابنت الكلب ، بتحبى من ورايا ، وانت وحيات امك لروقك ياض ، اصبر على -

قام بربطها فى رجل السرير  
!! وقام بربطى فى عمود النور الملاصق لمنزله 
وبدأت فى الصراخ 

: وفجأة اذا به يقول 

انتو بتحبوا بعض؟ -
مبروك عليكو ، جهز نفسك وانا اخطبهالك بعد سنة من دلوقتى


! ياااااااااااااااااه وانا تاعب نفسى من الاول ليه ما ابوك زى العسل اهو -

اه بس ياروح امك انت فاكرها ايه سهلة ، لا يابا انتى هتيجى هنا كل يوم تشوفها عاوزه ايه وتجبهولها ع حسابك -
!!!! مش هتبقى مراتك اصرف عليها بقى ورينى رجولتك 



اه قول بقى انك داخل ع طمع ، كل يوم انت بتخلص من مصاريف بنتك على حسابى - 
طب بلاها جوازه 



ومن هنا اتضح لى ان موافقة كل اب ليس بالضرورة موافقته عليك كشخص 
وانما كبنك سيقوم بالاقتراض منه كى يتخلص من اعباء البنات وخلفتهم 

انصحك كل اب عنده بنت يخليهاله ، وكل شاب عاوز يتجوز بلاش ما تفكرش 
هتقعد تحب فى البنت وتحافظ عليها من سمعتها وماتقولش لحد وابوها موافق ، فكك و كبر مخك 
!! بلاه حب ياجدع 


- تمت - 

... عبدالله فرحات 

شبح الخلوة والاصدقاء الثلاثة !




(1)

كعادتى بمشيتى التى تطوى الارض طياً ، ذات الخطوات القصيرة وردة الذراع السريعة والصدر الفسيح القائم ناظراً للاعلى
منسجماً فى افكارى الفلسفية التى تساورنى دائماً – عن الوجود –  فإذا بى مصطدماً بشئ ما ، استدعت انتباهى
سريعاً ونظرت امامى فى سرعة مهولة لم أجد اى شئ امامى

ازددت اضطرابا ، لكن حلاوة التفكير ولذته انستنى الموقف .. واصلت المشى فى الطريق الواسع الذى تزين جوانبه الأشجار متراصة بجوار بعضها ، فلا توجد منازل فى هذا المكان الاشبه بالصحراء فى سكونها وفراغها إلا الاشجار التى
 .. تنفى صحراويته

 ... لا وجود للاصوات فهذا المكان هو خلوة كل مفكر يأتى اليه فى اوقات لا يوجد فيها غيره ، وهكذا انا اعتدت

سرت فى الطريق والجو يزداد حرارة والشمس بدأت فى الغياب ، وبدأت اصوات اخرى تقترب منى

" حححححححححح " اشبه بفحيح الافاعى واخرى " عاعاعاعاععاااااااااا عو عو عو عو عو ووووووووو "


 ، وازداد تشابك الأصوات وبدأت اشعر بالدوار وفجأة ظهر شعاع ابيض ، كاد بريقه ان يصيبنى بالعمى 
ازددت فزعاً وبدأت فى الصراخ ، وركضت مسرعاً لاعود إلى منزلنا – الذى يبعد عن هذا المكان مسافة تقدر بالف شجرة
-  متراصة على ابعاد متقاربة –

وها انا اركض ، اوقفنى فجأة شيئاً اضخم مايكون ، لم يكن كما سبق لم استطع تحديد ملامحه ، بل على العكس استطعت رسم صورة لم تفارق خيالى

اسود الهئية كلها – مثل منخار من مناخيرى الواسعة – ضخم كصديقى السمين متراصا خمس مرات فوق بعضها ، وعرضه مثل اثنين من ذلك السمين

عيناه بيضاوان متسعتان تشعان نوراً وكأنها الشئ الوحيد الذى يتضح لى من باقى جسمه
 : امسكنى بأطرف اصابعه كذبابة على كتفه وقال لى
انا اعرفك كويس - 

 ! هتعمل اللى انا عاوزه هتنعم بالحياة ، مش هتعمل يبقى اللى انا عاوزه هيكون وبرضه مش هتنعم بالحياة 

 - صرت اضحك بصوت عالى وهستيرى مفاجئ – من آثار الصدمة غير المعقولة 
 : قائلاً 

اوعى تكون فوزى وعاملى فيها "الجريندايزر"  ... ايه اللى انت عامله ده ، ده آخر اختراعاتك ولا ايه وقمت بالـ " صكع " على هيكله وهو غير مبال للامر ، مردداً فى نفسى " ماهى خربانة خربانة

جايز ده حلم ولا حاجة
أمسكت بيدى ولسعتها بأطراف اظافرى لأتأكد ..
انها حقيقة

" ايه ده ؟!!  ايه ده ده ده ده - 

انتم ين ياعم انت وعايز ايه ؟ -

هاهاهاهاهاهاها واضح انك طفل ساذج وهتتعبنى معاك ، ندخل فى التفاصيل -
!! هتقتل 6 اشخاص على 6 ايام إذا عدى يوم وما قتلتش اللى حددناه هتتقتل بداله


اتضح الى ان الهزلية التى بدأت  اداعبها قامت بالاختفاء
ماهذا ؟! حاولت الافلات منه وواصلت فى الركوض مرة اخرى
فاذا به بين كل شجرة على الجانبين جالساً او واقفا لم انتبه ..
: يقهقه بصوت عالى قائلاً
! عيل ساذج - 



(2)
وصلت الى باب منزلنا ... الباب مغلق
فُتح مرة واحدة ببطء وسمعت صوتاً يأمرنى بالدخول ، رجعت خطوتين للوراء انظر الى واجهة المبنى لاتأكد
 !! قائلاً فى نفسى " ام الفيلم الاكشن ده انا بطلت اقرأ واتفرج ع الافلام ايه ده ؟ يارب نجينى والطف بى


رجعت خطوتين اضافتين واتأخذت وضع الركوض وقفزت تاركاً درجات السلم خلف اقدامى حتى وصلت الى الطابق الذى
اسكن فيه واجداً باب الشقة مفتوحا

دخلت وإذا بأخى صريعاً على الارض يخر دماً من رقبته وبالجانب الايسر من رقبته هناك علامة

واخى الآخر على جانبه الايمن من الرقبة علامة مختلفة

ورسومات اخرى بالدم على الارض

! طب بابا وماما -

: فجأة سمعت صوت صراخ قريباً من اذنى .. إنها امى تحذرنى
وراك وراك -

التفت وانا فى اندهاش قاتل .. لاشئ ارى امامى
 -  ولكن اين امى –  صاحبة صوت التنبيه ذو الصراخ 
التفيت حول نفسى فى مكانى وبحثت بعدها بكل الغرف

وإذ بها على مدخل الحمام ملقاة غارقة فى دمها
وصوتها المنبه كان سبب تلقيها حتفها ، واخر ما سمعت

!وبابا ؟

 ، ها ... لحظة كان مع ابى -  قبل ان اغادر المنزل  - صديق له حل ضيفاً عندنا
هل يُعقل ان يكون قد غادر بهذه السرعة؟ 
واين ابى هل ذهب لايصاله لموقف السيارات فهو قادم الينا من محافظة اخرى

 -  سمعت صوت ارتطام على الارض وصوتاً يشبه فحيح الافاعى مرة اخرى ونباح الكلاب  - التى تحت منزلنا  
تزداد وكأن الكلاب تتضاعف ورأت شيطانا لعينا
استعدت انتباهى لاعرف ما سر الارتطام هذا
وبينما انا احاول الالتفاف لانظر خلفى واذا بقدمى تلامس جسماً بشرياً .. التفتّ بسرعة مفظعة ، فاتحاً عيناى وفمى كمن اصيب بصعقة كهربائية 

!بابا ؟ -


إذاً كما أرى فى معظم الافلام السينيمائية منها والكرتونية
!! لابد ان القاتل هو من دبر كل هذا من البداية 
لاببد انه من جعل الشباح ( عفاريت البنى آدمين ) تملأ المكان وتعشش فيه
هى من فتحت الباب
هى من ظهرت لى على هيئة رجل الطريق الضخم
 !! لابد ان القاتل صديق ابى


(3)
وبينما انا سابحاً فى التفكير محاولاً حل اللغز جالساً على قدمى اشبه بالقرفصاء ، كدت ان اقع لاختلال توازنى ، فقمت بحفظ توازنى من خلال محاولة الاستناد بالارض ، لكنها لم تكن الارض
!جسم بشرى آخر ؟!!! ماذا ؟
نظرت اليه صرت ادقق فيه

فاذا به صديق ابى من اشرت اليه بالاتهام 
متجرداً من ملابسه على بطنه رسمة بالدماء ورموز اخرى ، فى الحال ورد الى ذهنى علاقتها بما رأيته على رقبتىّ اخوتى ، كما ان يداه الاثنين قد انفصلتا عن جسمه مكونتان  – فى مكان آخر –  شكل مثلث ذو ضلع ناقص لكنى وجدت  حد اقدامه تكمل الشكل وبداخل المثلث رسمة بالدماء 


!! .. كل ما اتعجب منه ليس ما أراه وإنما استيعابى للموقف
 !! وتعايشى معه دون ان اصاب بالهيستريا او الهلع والجنون 


بدأت فى تجميع كل رمز رأيته فى الأماكن المتفرقة محاولاً رسمها وإذا بالمصباح الكهربى الوحيد المضئ يهتز و ضوءه
يضمحل ويتوهج ، يضمحل ويتوهج .. وهكذا حتى انطفأ

 .. لم اكمل الرسم وتفكيك الرموز بعد 
لكننى لم اشعر بنفسى الا وانا اسفل المنزل فمن الرعب ركضت سريعاً الى الاسفل
محاولا ايجاد احد من الجيران لابلاغه
والعجيب انه لا يوجد احد

 - وهذا كان تفسير سؤالى المُلِح  – ماحدش حاسس بحاجة ؟ 

حاولت الاتصال بالشرطة وجدت هاتفى الخلوى محطما بمجرد ان اخرجته من جيبى
: لكن ماهذا خرجت ورقة مطوية فى يدى كانت ملاصقة لظهر الهاتف فتحتها لاقرأ ما بها وجدت بها 

 تعيش وتاخد غيرها .. مش قولتلك نتفق " 
" انت لا اتنفقت ولا بوظت الاتفاق انت هربت بغباوتك .. اشرب يا ساذج 

الخط بشرى ، الكلام واقعى ، التدبير شيطانى
-  الامر ليس خياليا كما توقعت بل انه مدبر باحكام من عقل عبقرى - يلعب به الشيطان كالعرائس 


الافكار تراودنى ، كل ما حدث قبل ان اغادر المنزل تسلل الى عقلى لاتذكره

: فتذكرت ان صديق ابى هذا كان يتشاجر فى الهاتف مع شخص ما قائلاً

 لا طبعاً استحالة على جثتى ده يحصل  -

: وسانده ابى رافعاً صوته هو الآخر

 ( وانا برقبتى يا (ابوالسيد  -

 ! وبالطبع الصوت تسلل الى الهاتف ليصل الى المتلقى
 ! ولابد انه كان شجاراً نتج عنه تهديد تسبب فيما حدث اليوم

حاولت الرجوع الى المنزل للبحث عن أدلة اخرى

..  " بعدما تماسكت واستعدت قواى وجرأتى وشجعاتى ، فدخلت حجرة " الصالون 
لابحث عن دليل فوجدت علامة مرسومة باحكام بالدماء
كأن القاتل يعرف ما سأفعل وأعَد له مسبقاً  ، فعدت مرة اخرى لارسم الرموز على الاوراق ،  ولكنى لم افهم ايضاً

علامة على رقبة اخى من اليسار
علامة على رقبة اخى من اليمين
 - وعلى بطن الضيف - صديق ابى
ومثلث الاعضاء  وبقع الدماء فى وسطه
وبقع الدماء المتناثر والاخرى المرسومة باحكام


(4)

قمت برسم كل هذا على الورق وذهبت لقسم الشرطة بعدها
: وبعدما قصصت ماحدث لاحد الضباط عقّب قائلاً 

امشى يا اهبل انت شارب حاجة ياض  - 
امشى بدال ما ارمي كفى الحجز وانت لسه صغير




 ( تركته متأففاً  وذهبت الى القهوة جلست لاتناول مشروبى المفضل (الكابتشينو 

رغم كل الكوارث الا اننى " كَييِف " واحب افكر بمزاج مهما كانت المصيبة .. اللى حصل حصل



حاولت استعادة بعض المعلومات القديمة التى اعرفها عن صديق ابى وابى نفسه وبعضاً من اصدقائهما وربط الاحداث
والرموز  ومارأيت ، لم استطع ، إلا عندما استعنت بصديقى السمين الذى ذكرته آنفاً

وجلسنا طوال الليل نفكر
حتى توصلنا الى انه كان هناك ضديق لابى يدعى (حمزاوى ) او كما اطلق على نفسه (ارنست) لا اعرف ما العلاقة لكنه      من فضل هذا وسمى نفسه

الاهم .. اتضح انه من الادمغة العبقرية التى لم تلق نصيباً من الحظ ، فبعدما اصيب بحالة نفسية غريبة
 ( أخذ يحاول الانتقام من اصدقائه ببراعة وترتيب وكان على رأس القائمة  (ابى وصديقه
 !! فهم يعرفان الكثير من اسراره ويعرفان ماذا ينوى


وتذكرت ان ابى قبل الحادثة بليلة كان عند صديقه هذا وحدث شجار بينهما
حيث ان ابى قد علم انه يخطط لشئ شيطانى ما فخاف ان يُفضح  فحاول الانتقام

فحدث ماحدث  وانتقم من الآخرين ، تستراً على الجريمة ولكن ذكاؤه لم يكن مكتملاً ، حيث انه نسى وجودى وما قد اكتشتفه

لكن لحظة !! كيف هذا وقد ارسل هذا الخطاب وترك ادله وراؤه استدليت بها، لابد انه يحاول الامساك بى لانى لم اكن موجوداً وقتها


(5)
- ذهبنا انا وصديقى الى منزله نراقبه وحاولنا التسلل الى المعمل - الذى هو بجانب الجراج 

واذا بى مع اول نظرة اجد الكائن الضخم الذى صادفنى آنفاً واتضح انه جهاز قد قام بتنفيذه وبرمجته آلياً وجهاز آخر حاولت تشغيله وفهمت حيلة الأشباح المشابهة لبعضها بين الاشجار
!!! انها حيل شيطانية

وفجأة اذا بباب المعمل قد اصطدم واحدث ضجيجاً وصوت آخر لفحيح الأفاعى الذى يراودنى
واذا بهذا الصديق العالم الذى اشيرت اليه كل اصابع الاتهام ( حمزاوى / ارنست ) مقتولاً هو الآخر ، وعليه علامات من  
: الدماء التى رأيتها فى منزلى ، وفجأة ظهر شخص أخذ يقهقه عالياً قائلاً

انا اللى عملت كل ده ، اهلا بيك ياحلو جيت لقبرك برجليك - 
كنت عارف انك ذكى بس ماكنتش اتوقع انك هتقع بالسهولة دى

!!انت مين وعايز ايه ؟  -

...  سيبنى اشرحلك -

 ( انا اللى عملت الخناقة اللى مابين ابوك وصحابه الاتنين  .. وانا اللى استعملت اجهزة (حمزاوى
وانا اللى دبرت الحادثة كلها

ابوك وصحابه كرهونى من صغرى
 .. احبطونى .. جابولى حالة حزن ونفسية نفس اللى جات لـ ( حمزاوى) ، بس
وهمَ ساندوه عشان كانوا اصحاب اوى ... انما انا ماكنش حد بيبحنى .. لييييه ؟

!! ده مش مبرر إنك تعمل كده -

انا بس كنت عاوز انتقم منهم كلهم ، فـ قتلتهم وكل ولادهم ماعدا انت -
واللى خلانى اسيبك انى اسيب اكتر حد كان بيتمسك بيه ابوك يعيش مذلول اوكون شفيت غليلى وعذبتك

وبرده اصحابه الاتنين (حمزاوى وابو السيد ) انتقمت منهم وخلصت ع كل ولادهم
.. ماتبقَاش غيرك
! انت والفحل اللى جمبك ده 


وفجأة سمعت صوت لاطلاق النار فاغمضت عيناى انا وصديقى متصورين اننا قد قُتلنا وإذا بالطلقة قد اخترقت رأسه
! ومات منتحراً من الغل
وانتهى ذلك الفيلم المفزع


حاولت تسجيل الادلة والبراهين للشرطة مرة اخرى للبحث فى الامر لكن الامر بدأ فى العمل
ببطء شديد ، وعشت وحيداً بلا اهل

آه نسيت ذكر اننا كنا نعيش فى بلدنا الام ، كل اهلى قد غادروا خارج البلاد لا اعلم عنهم شيئاً
صرت وحيداً لكن لدى صديق لكن ووالده لم يكن صديق لوالدى ، لكنه كان يحبنى جداً ، فأخذنى ورعانى وعاملنى كابنه تماماً


!!حُفر الامر فى ذاكرتى للابد .. لكنى عشت وكأن شيئاً لم يكن 


  - تمت -



... عبدالله فرحات