انا وهى وابوها !

(1)
اعتدت انتظارها ورؤيتها اليومية 
قبل الذهاب الى المدرسة انتظرها فى مخيلتى حتى تلتقى بصديقاتها  ، فاتحسس موعد الخروج لاخرج من منزلى الذى  
! يبعد عنها ، فلذلك يصعب علىّ معرفة وقت الخروج تحديداً 

ارسم وجودها فى مخيلتى حتى اشعر بالدفأ 
لا اعلم اصارحها بما احوى ام لا .. ترددت كثيراً حتى اتت اللحظة المناسبة للاعتراف 

بدأت فى الاشارة اليها فى كلماتى ، فتفهم ويمنعها الخجل من النطق فتتلعثم ، وبراءتها تمنعها من التصديق ، ففى ذلك الزمان كثر الشبان "الشهوانين " ذوى النوايا الخبيثة 

لكننى لم اكن كذلك ... 

تحدثت اليها فى حوار لم اكن اتوقع ان يأتى مطلقاً ، او ان يساندنى القدر فى التحدث اليها ، فانا رغم جرأتى المعروفة ، جبنت الحديث ومذاق التجربة الذى قد يكون اليماً


حتى جاء اليوم الذى تحول فيه الهزل الا الحوار المصيرى 


   طبعاً عارفين بعض وكده من زمان .. ايه اخبارك - 


... تقرأ الرسالة وتنتظر قليلاً ، مترددة فى الرد 




! الحمد لله ، اه عارفاك ، انت صديق من الطفولة طبعاً - 

!  طيب الحمد لله كويس  - 

توقفت هنا ، فقد  بدأت وتوقفت عند البداية .. فانا جرأتى قد اهدرت فى سبيل حبها 
وهى خجلها يعقد لسانها على ان ينطق ويفتح حواراً معى 

! لكنى حدثت نفسى قليلاً ، ساترك القدر يأتى بالحوار المناسب 
وفجأة حدثت مشكلة كان اطرافها نحن الاثنين 


فلجأت الى الحديث اليها لحل المشكلة .. لا اتذكر تفاضيلها لكن كل ما اتذكره ان كلانا ترك المشكلة ولم يفكر بها فتحنا حوار اخر فى " الشخصيات والعواطف " ، حتى بدأ الحوار المنشود لدىّ 



... هو انا هسألك سؤال  -
احنا كعادتنا فى البلد دى
( المقصود بالبلد المنطة التى نسكن فيها وليس الدولة على  النطاق الواسع)
، ان المفروض البنت مش بتكلم الولد ، لان بيبقى فى نظرات مش كويسة ليها ، قوليلى اتكلمتى معايا ليه ، لو حد اتكلم معاك قبلى او بعدى كنت هتقبلى ؟



انتظرت قليلا فالحوار بدأ فى نطاق شخصى بحت يداعب الاسرار الخفية الساكنة فى القلوب 
: ردت قائلة 

لأ طبعاً مش اى حد ، انت عارف اننا اصدقاء اه من الطفولة وانا اعرفك وعادى يعنى ، لا مجتمع ولا بتاع ؟  -


بدأت من هنا افك شفرات شخصياتها المبهمة لدى ، متحسساً الامل بين شفتيها بكلامها الذى سيخرج الى قلبى يطمأنه 

: واتتنى لحظة  من الشجاعة المفرطة غير المعتادة لدى قائلاً لها  

!وايه بقى علاقتك بالحب وكده بقى ، يعنى شايفاه ازاى؟ -

.. بص انا هقولك -
انا مش مقتنعة بالحب ، بس انت شخصية عاقلة المفروض يعنى تكون مش مقتنع بيه قبلى
... انت شايف اننا فى فترة مراهقة ولسه صغيرين ع الكلام ده


بصى انا هقولك ع حاجة مش معنى انى عاقل انى لا اؤمن بوجود الحب ، هو شئ وجدانى طبيعى موجود -
اصله يعنى مش حاجة دخيلة علينا ، ده انت حبك لوالدك ووالدتك حب .. يبقى ازاى مالوش وجود وهيفضل ثابت حتى  
! بعد فترة مراهقتك ، يبقى اكيد الحب المقصود بيه ( الارتباط ) هيفضل موجود طالما الناس غرضها شريف 



! طيب بس انا مش قادرة اقتنع -

   !طيب انا شوفت صاحباتك وقعوا فى الحب ماتأثرتيش بيهم ليه؟ -

! اه هم بصراحة وقعوا ، بس طلع اللى ما بينهم فشنك -

   طب ما صاحبتك الانتيم وصاحبى الانتيم حبوا بعض ، ازاى وهم اقرب ناس لتفكيرنا ؟ -

عندك حق -

طيب يبقى ايه؟ -

ايه؟ -


! انا كتبت اكتر من شئ احاول اقرب وجهات النظر ، لكن واضح ان حضرتك رافضة يعنى -

اه انا حسيت ان انت تقصدنى وانا ما اقدرش اتكلم ، بس انت فعلا تقصدنى ؟ -

بالفعل اقصدك انتى ، ايه قولك ؟ - 


بدأت لحظات الخجل المتظرة المصحوبة بالردود المطلوبة .. التى قمت برسمها فى حروفها الخفية 
  وتأخرت كثيراً فى الرد وانا على امل معلق فى حروفها التى ستنثر بعد قليل  

! طب سيبنى افكر -


حاولت التعجل فى الرد لمعرفة الامر والارتياح ، لكن كل هذا بلا جدوى 
انتظرت لليوم التالى 


ها قولتِ ايه ؟ -

! بصراحة انا مترددة ، خايفة مشاعرك تكون لعبة ونكون بنوهم بعضنا -

!طب واثبتلك ازاى ، اللى بوسعى اعمله؟ -

لالالالا خلاص انا موافقة -

يااااه طب وليه الجنان ده من الاول -

عشان انا اصلا بحبك، بس ماقدرتش اعبر وخفت اتصدم او اكون موهومة -

ياسلام يوم المنى فى حياتى ، ريحتينى قبل ما اسافر -

تروح وترجع بالسلامة ياحبيبى -


(2)
يشاء القدر ان اذهب للسفر ، واصاب واذهب للمستشفى بسبب الجروح الشديدة الناتجة عن الحادث 
!! لم تعلم حبيبتى فقد كنت على فراش الموت فى سباق مع روحى هل ستبقى ام ستخرج 

لكن شاء القدر ان اخرج واستطيع القاء هذه الكلمات على اوراقى ، ولم اقم باخبار حبيبتى 
لكنها علمت من صديقى 

تألمت وبدأت بالصراخ فى جنون .. نظر اليها اهلها ماذا حدث 
لا تستطيع الرد والتعبير اتخبرهم الحقيقة ام تستمر فى الكتمان رغم ما يبدو عليها واضحاً 

لكنها تظاهرت بالاعياء واخفت الموضوع 

ثم بعدها بيومين ، بدأت مضاعفات الاصابة فى الحادث فى الظهور والتألم مرة اخرى 
ويشاء القدر ان اذهب الى مستشفى قد تواجد فيها والدها للعلاج 
فرأتنى ، ووقعت نظرتها على  فكادت ان تجن 

وتظاهرت هذه المرة ايضاً بخوفها الشديد على والدها ، فما زالت تخفى خوفاً من الادلاء بما تخفى 


وتشاء الاقدار ان اراها بعد خروجى من المستشفى ذاهبة الى منزلها 
سرت ورائها وحين رأتنى ازدادت فرحتها وبهجتها
لم تحتاج للكتمان فاستمرت كما هى 

لكن حدث وقد صادفت والدها وتحدثنا سوياً فى منزلهم بحكم العمل الذى اتى به القدر لنعمل معاً 
فتأتى هى وتتحدث الى والدها ، وبسبب برائتها 

... تفضحها عيناها وتنضح بما تعج ، وانا لم استطع الاخفاء 
ووالدها جالس فى ذهول 

انتم تعرفوا بعض ؟ -

سكتنا طويلا ونحن مازلنا ناظرين الى بعضنا 

انتم تعرفوا بعض ؟  -

مجرد اصدقاء يابابا - 

اصدقاء متأكدين ؟  -

اه اصدقاء بس ياعمى ؟ -

عمك ؟ -

اه قول بقى انك بتحبها وكده؟  -

!!! اه بحبها -

: نظرت الى نفسى وكادت عيناى ان تخرج من مكانه قائلا فى نفسى 
" يالهوى ع الهبل عمالين ندارى الكام سنة دول ودارى ع شمعتك تقيد ، ادينى طفيت الشمعة وسيحتها كمان "

!! فوزييييييييييييييييييييييية ، هاتى الحبل اللى جوه يا فوزية -

!! تعالى يابنت الكلب ، بتحبى من ورايا ، وانت وحيات امك لروقك ياض ، اصبر على -

قام بربطها فى رجل السرير  
!! وقام بربطى فى عمود النور الملاصق لمنزله 
وبدأت فى الصراخ 

: وفجأة اذا به يقول 

انتو بتحبوا بعض؟ -
مبروك عليكو ، جهز نفسك وانا اخطبهالك بعد سنة من دلوقتى


! ياااااااااااااااااه وانا تاعب نفسى من الاول ليه ما ابوك زى العسل اهو -

اه بس ياروح امك انت فاكرها ايه سهلة ، لا يابا انتى هتيجى هنا كل يوم تشوفها عاوزه ايه وتجبهولها ع حسابك -
!!!! مش هتبقى مراتك اصرف عليها بقى ورينى رجولتك 



اه قول بقى انك داخل ع طمع ، كل يوم انت بتخلص من مصاريف بنتك على حسابى - 
طب بلاها جوازه 



ومن هنا اتضح لى ان موافقة كل اب ليس بالضرورة موافقته عليك كشخص 
وانما كبنك سيقوم بالاقتراض منه كى يتخلص من اعباء البنات وخلفتهم 

انصحك كل اب عنده بنت يخليهاله ، وكل شاب عاوز يتجوز بلاش ما تفكرش 
هتقعد تحب فى البنت وتحافظ عليها من سمعتها وماتقولش لحد وابوها موافق ، فكك و كبر مخك 
!! بلاه حب ياجدع 


- تمت - 

... عبدالله فرحات 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق