ارض الجليد اللعينة ، وجنة الارض !!





(1)

حفيف الاشجار ، بدأ صوته فى الارتفاع ، الهواء شديد ويكاد ان يتحكم  بى يميناً ويساراً 
المكان ذو ظلام دامس بالكاد ارى امامى بمسافة لا تزيد عن المتر ، بدأت فى الدوار حول نفسى محاولاً فهم واستيعاب الموقف ، لكن لاجدوى من التفكير المستمر ، تكاسلت حتى عن اخراج معداتى العلمية من الحقيبة 

مكثت فى مكانى وقمت بالجلوس على الارض والاستناد الى الشجرة الضخمة التى كانت ورائى 

اغمضت عيناى وابحرت فى بحر الاحلام ، حتى افقت على اصوات زقزقة العصافير التى كانت تقف على تلك الشجرة 
فتحت عيناً ثم الاخرى واغمضتهما مرتين ، "ادعك " فيهما بشدة لاستوعب ما ارى ، ذلك المكان المبهر 
اشجار ضخامتها ونسقها كبهو الاعمدة فى الاقصر
الوان العصافير تريح العين وتبعث النفس للنوم والارتياح 

ذلك المكان الذى حللت فيه ، كان بمحض الصدفة ، بعد ان كنت انا وفريق العلماء الآخرين فى رحلة استكشافية ، وكنا فى طريق العودة من القطب الشمالى 

قفزت قطعة من الثلج الضخم الى الاعلى وكانت فى صراع مع الرياح الشديدة ، حتى اطبق علينا الاثنين واختل توازن الطائرة 
فسقطت وسقطتنا منها متدحرجين ليلاً 
وكان من نصيبى ذلك المكان الرائع .. 

كانت حقيبتى معى جينما وقعت ، فقد كنت دائماً ما اضعها على ظهرى لا تفارقنى لحبى الشديد وتمسكى بها ، بدأت فى اخراج معداتى العلمية التى امتلكها 

بدأت فى تحديد المكان 
لا استطيع استيعاب ما ارى على الاجهزة 
اننا فى نفس المكان الذى قمنا بالاقلاع منه إلى رحلة العودة ، نفس المكان لكن على عمق يبعد بالكيلومترات تحت الجليد العلوى ذلك 

ماهذا اهى جنة الارض ، ماهذا احاول الاستيعاب والنطق لكننى بدأت اهمهم بطلاسم لا افهمها 

ثم بدأت فى وضع اجهزة الاتصال .. هل ستعمل ؟
نعم انها تعمل 

!! لازم اتصل بالفريق باى شكل او بمركز القيادة -


(2)

 كنا فى السنوات القليلة الماضية نبحث عن حل لحماية البشرية من خطر ذوبان الجليد فى السنوات القادمة 

وقد تخيلنا بالفعل وجود مخبئ ما تحت ذلك المكان لكى نلجأ اليه ، لكننا لم نعلم اننا لن نحتاج الى الامكانيات المجهدة لتوافر الحياة فى مثل هذا المكان .... كل الظروف قد توافرت 

الماء فى تلك البحيرات التى تتلألأ على الجانبين
الغذاء من تلك الاشجار الضخمة التى تزدهر بما لذ وطاب من النباتات المختلفة 
الحيوانات والطيور التى تنشر هنا وهناك تنحدر من سلالات قد تميل للانقراض ، واخرى لتلك المنقرضة سابقاً 
والاغرب هو تواجد منفذ لاشعة الشمس 
كيف لا اعرف ، ربما لان الفتحة التى سقطت من خلالها الى ذلك المكان هى السبب 

كان معى وقتها اداة لتسلق الجبال ، التى قد اعتدنا استخدامها 
حاولت بعثها للاعلى لمعرفة كيف تكون نهاية ارتفاع ذلك المخبئ العجيب 
لكن فشلت المحاولة فى التحديد ، حاولت معرفة ماهى المسافة التى نبعدها ، عن اقصى قاع الارض 
فوجدت ان تلك الطبقة من خلال معرفتى الدراسية والعلمية انها تصلح للمعيشة فهى على بعد مناسب من مناطق اندلاع البراكين والزلازل ، وهناك فرصة للتفادى عند حدوثها 

قام مركز القايدة باعادة الاتصال بى لابلاغى بوصول فريق بحثى مساعد الى القطب الشمالى ، محاولين تعقب مكان للنزول الىّ 

بدأت اصوات الطائرات فى الاقتراب من مكانى وقد ميزتها جيداً
بدأت فى الصياح بصوت عالٍ لجذب اسماعهم ، حيث انهم قد وصلوا للمكان المطلوب ولكن ليس الىّ ، وبعدها بدقائق عثروا على مكانى

تم تحديد المكان بالضبط من خلال اجهزة التعقب لدى المجموعة التى قامت بالنزول الآن ، قامت المجموعة الاخرى فى الاعلى بارسال المعدات عبر تلك الفتحة العجيبة التى نزلنا من خلالها

بعدما قام الفريق بدراسة المكان جيداً
وجدوا ان المكان يسير على مساحة واسعة تحاكى نفس الهيكل والمحيط العلوى من القطب الشمالى
ياللعجب

فكر الكثير من الاصدقاء العلماء بان نستمر فى ذلك المكان محاولين توسعته ليشمل المناطق التى تحتمل وقوع المخاطر ، فتكون بمثابة الملاجئ من تلك المصائب

عاد الفريق الى مركز المعلومات لمناقشة الفكرة .. عارض الثلث تلك الفكرة لكونها اقرب الى الخيال ، لكن الثلثين اقروا بالموافقة على الفكرة

تم ارسال فريق من كبار الباحثين والمتخصصين فى المجالات الشقيقة المتعددة


(3)

وبعد مرور الاسبوع الاول 
كان الفريق قد توصل لرسم المكان بالكامل 
والمتطلبات اللازمة لتوسعة المكان ومحاولة استنساخه فى المناطق المجاورة لتغطية اكثر الاماكن اهمية 

الفكرة والمكان الذى سقطتنا فيه غير معقول تصديقهما 
اكتشفنا بعدما قمنا بدراسة كيف لنا ان نقع فى مثل هذا المكان 
!!وجدنا ان اختلال توازن الطائرة الذى كان سبب سقوطها ومنه نزولى لذلك المكان ، لكن اين المدخل ؟ 

انها كتلة من الجليد التى تنطلق مرتفعة كل فترة متباعدة تقارب العام من تاريخ الحدث الماضى ، وقد كانت تحدث فى
الماضى القريب ، لكن لم يتوصل اليها احد ، وكان حليفنا الحظ حينما وصلنا اليها 
تلك كانت معلومات مختلطة بالقراءة العلمية والتخيلات 

الاهم ما فكرنا فيه ، هو ان نُكمل فى ذلك المكان ما بدأناه 
حدثت المفاجأة ، لم نكن نتوقع ، ان ذلك الحدث رغم تباعد تكراره ، ان يحدث على فترة متقاربة من الاولى 
نفى ذلك الحدث التصورات جميعها 

فجأة ظهر كائن غريب جداً ، لا نعرفه تماماً ، لم نتعرف عليه من قبل ، لا بد انه من السلالسل المنقرضه او انه نوع جديد انحدر من سلالات متواجده بندرة 

ذلك الكائن الضخم هو ما يقوم بدفع الكتل الثلجية ، وذلك عندما يقوم بفرد جسمه عند الاستيقاظ للتخلص من خموله 

دقائق وبدأ فى الظهور العديد من سلالة ذلك الكائن الغريب 
وفجأة بدأت فى مطاردتنا جميعاً ، قامت بدهس جميع المعدات وقتل جميع الباحثين 

لم يتبقى سواى ، انا وصديقاى الآخرين 
فقد استطعنا الهروب واللجوء لاحد الاماكن ، التى وضعها الحظ لنا فى طريقنا اثناء الركوض 


بدأنا فى لفظ انفاسنا 
ولكن كيف سنعود من ذلك المكان اننا فى الارض ، نريد ان نعيش حياتنا ( الفوق ارضية ) كيف سنعود والمعدات قد دُمرت 

وجدنا شعاع ينثر خيوطه فى ذلك المكان 
انها فتحة صغيرة ، بدأنا فى السكع لمحاولة صناعة مخرج 
لحظة ، الحقيبة مازالت على ظهرى 
 لخفة وزنها لم اشعر بوجودها ، فقد خُففت احمالها مسبقاً 

بدأت فى اخراج " الشاكوش " الضخم والسكع على ذلك الحائط ، حتى اكتمل المخرج لاحجامنا الضئيلة
انه ممر اخر
لكنه يبدو قصيراً ، كان ذلك الممر يسير للاعلى على مايبدو ، لكننا لم نشعر بذلك حين مشينا عليه
عبرنا الممر وجدنا انفسنا على مشارف الخروج والعودة الى ارض الجليد مرة اخرى

عدنا وقد كانت طائرات مركز القيادة تحلق لتتابع بنفسها ، لانقطاع وسائل الاتصال
قمنا باخبار مركز القيادة بالامر

وتم ارسال الاوامر ، الى الجهات العسكرية المختصة لارسال الجيوش اللازمة ، للتخلص من الكائنات تلك
وتحقيق الحلم العلمى ، الذى قد ينجو بارواحنا جميعاً

- تمت -

عبدالله فرحات ...  16 يونيو 2013 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق