بيت جدى وامتحان الاحياء ..



 (1)
فى حَوَارى المدينة الضيقة سرت وحيداً
فى ليلة ذات ظلام دامس يقطعه خيوط منثورة من أضواء المصابيح المعلقة ، تكاد تكون الرؤية معدومة
والاصوات لا وجود لها كأنها قد دفنت فى اعمق قاع فى الارض .. إلا اصوات " شخير " بعض الفقراء النائمين على رصيف الشوارع الذين لم تتوافر لهم الظروف المطلوبة للمعيشة
سرت وقلبى يخفق بشدة من الخوف ويداى وقدماى تصفقان وتعزفان اروع سمفونيات الرعب .. كأنه الصوت الوحيد الصادر فى أرجاء المكان
بدأت أهدأ من روعى واهمهم بضع من آيات القرآن الكريم
وبدأت علامات الفزع تغادر عن وجهى
وإذ فجأة  أجد " جثة " ملقاة على الطريق .. كاد قلبى أن يقف وبينما انا احاول الاقتراب اذا بصوت يلوح فى الافق
لا اعلم من اين يأتى لكننى اسمعه بوضوح ويكاد يخرق اذناى ، اسمع الصوت بوضوع لكنى لم استطع تحديد هوية الصوت ...
ركضت سريعاً مبتعداً عن الجثة الملقاة وذا بى فى بيت مهجور لم تبد له ملامح كأنه من أنقاض الحروب .. رأيت شبحاً  ذو خيوط بيضاء ملتفة حوله يدور حولى بسرعة شديدة على دائرة واسعة فصرت اصرخ ، بدأ فى الاقتراب وازدادت سرعته .. ازددت فى رفع صوتى وأنا اصرخ حاولت الركوض بعدما كاد ان يلمسنى ، لكن قدماى تسمرت  فجأة فى مكانها ، حاولت استيعاب الامر لكنى فجأة فقدت صوابى وسقطت على الارض


بعدما افقت وجدت نفسى فى نفس المكان لكننى لم أتذكر بعض الاحداث ، فوقفت فى مكانى برهة حتى بدأت فى
التذكر
! فكانت الشمس وقتها قد بدأت فى الظهور ، فبدأت احدد ملامح ذلك المكان 

     -  ماهذا انا اعرف هذا المكان جيداً ؟!
..  إنه بيت جدى 

 كيف هذا ، اين جدتى واعمامى
جدى هذا وكما اخبرتنى جدتى سابقاً كان قد دُفن تحت هذا البيت قبل بناءه ..

واخبرتنى ايضاً انها ذات يومها اثناء قرائتها الفنجان ، انها علمت ان هذا البيت سينهار وسيخرج " عفريت " جدى "
! من تحت الارض 

تذكرت هذا الكلام وأخذ يرن فى اذناى مع ارتفاع فى النبرة كأن جدتى تهمس الآن فى اذنى بصوت عالٍ ، بدأ بظهور صوت صفير فى اذناى بشكل مرتفع جداً  ، فتذكرت شبح الأمس وفهمت من هو 

تذكرت " جثة "  الامس التى رأيتها ملقاة ليلة الأمس ، فعدت الى نفس المكان وجدتها "جثة " أحد اعمامى
!ياللعجب .. مالذى حدث ؟

حاولت ربط الأحداث فلم اجد ما استدل به على ما حدث ، لكنى سرت فى الشارع الرئيسى لارى ماحدث لم اجد ايا من
 الشوراع الاخرى والاحياء والمنازل الملاصقة قد تأثرت
!كيف لهذا ان يحدث ، حتى المنازل الملاصقة ؟

تذكرت اننى بالامس قد رأيت شعاعا اخضرا فوق المنزل فورد الى ذهنى انها كائنات فضائية كما ارى فى الافلام
! لكنى لم اجد الدليل .. فاعتقدت ان شيطان او جنى " لبس " البيت ومن فيه فحدث ما حدث وما ارى الآن

لكن هذا غير معقول ، إذا ما سر ابتعاد الجثة عن المنزل هذه الامتار .. واختفاء جدتى والآخرين
ولماذا لم  يصل الخبر إلى بيتنا – ابى وامى واخوتى – كيف هذا ؟

(2)

سمعت صوتاً مرة اخرى لكنه زاد فى الشدة
" ترن ترن .. ترن ترن .. ترن ترن .. ترن ترن "
احسست بان الارض كلها تهتز كأنها زلزال
: وشعرت بصوت ينادى قائلاً

   -  قوم ياموكوس عندك امتحان احياء 


 ... فتحت عيناى وفقت من ذلك الحلم المزعج وإذا بها امى هى من قالت ذلك 
: معقباً


ده شكله امتحان اموات ياماما ع اللى انا شوفته امبارح - 
انت هتستظرف ، قوم يا خايب اما نشوف هتفلح ولا لا .. انت اتأخرت ،قولتلك بلاش تقرأ كتب كتير وتتفرج ع الافلام -
قبل ماتنام


نهضت من على السرير اقهقه بصوت مرتفع .. لافتاً انظار البيت باكلمه لجنونى
: مهمهماً فى نفسى 


.. ياللهبل .. انا اصدق كل ده انا العفاريت تعمل علىّ حفلة فى الحلم 
! وظللت كما انا حتى غادرت الى لجنة الامتحان اقهقه واكرر هذه الكلمات وانا سائر فى الشارع 

-  تمت - 

 عبدالله فرحات ... 4 يونيو 2013 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق